الموسم القادم
لأسعد الأسعد
القدس 1/6/2006 ناقشت الندوة قصة ” الموسم القادم ” للاطفال ، تاليف اسعد الاسعد ورسوم حسني رضوان ، صدرت القصة عام 2005 عن منشورات مركز اوغاريت الثقافي في رام الله والقصة غير مرقمة الصفحات .
بدا النقاش جميل السلحوت فقال :
الاهداء :
يهدي الكاتب قصته الى عمر وهو ابن شروق ابنة الكاتب والحفيد عمر لم يصل الخامسة من عمره بعد ، فأنّى له أن يفهم معنى الاهداء حتى عندما يصل العشرين من عمره الذي نتمنى ان يكون طويلا وسعيدا ومكللا بالصحة والنجاح . فكلمات الاهداء تحمل معاني فلسفية لن يفهمها الأطفال، ولن يفهمها غير المثقفين من الراشدين، فقد جاء في الاهداء : ” حبيبي عمر …… لا تجعل شهيتك للحياة تفقدك طعمها …… لأن تعودك على نسق يفقدك الاحساس بالألم كما يفقدك القدرة على الحلم ” وما كنا لنتطرق لمعاني كلمات الاهداء لو أن الكاتب لم يخاطب بها حفيده مباشرة ، ومعرفتنا بالكاتب وبأسرته الكريمة ، خصوصاً عمر الطفل الرائع هي التي دفعتنا إلى الوقوف عند معاني ما جاء في الاهداء .
المضمون : تتحدث القصة عن فلاح عجوز يراقب ابنه وهو يحرث الأرض على ثور عجوز أيضا ، ويتألم عندما يرى قواه وقوى الثور قد هدهما الهرم والشيخوخة ، لكنه يعزي نفسه بأنه اذا خسر موسم الحراثة هذا العام نتيجة لعجزه وعجز الثور ، إلا أن الموسم القادم لن يفوت لأن ابنه سيواصل المشوار.
قصة ليست للأطفال : طباعة القصة واخراجها والرسومات التي تزينها ، والحروف المطبوعة بها ، وما كتبه الناشر على غلافها الأول بأنها ” قصة للأطفال ” تدلل على أن القصة نشرت خصيصا للأطفال ، غير أن القارىء للقصة لا يحتاج إلى كثير من العناء كي يجد أن القصة ليست للأطفال ، ولو أنها نشرت في مجموعة قصصية للكبار ، لما كان هناك خلاف حول ذلك ، وحتى لو تضمنتها صفحات فصل من رواية لكثرة الوصف فيها لكانت مقبولة أكثر ، لكن العناء سيكون من نصيب الأطفال الذين سيقرأونها حتى ولو كانوا فوق الخامسة عشرة من أعمارهم .
البناء القصصي : تتحدث القصة عن زراعة وفلاحة الأرض ، والكاتب الذي أكثر من الوصف وأجاد فيه ، يؤكد للقارىء بأن لا علاقة له بفلاحة الأرض وزراعتها ، مع أنه متحمس لذلك ، فقد جاء في القصة غير مرقمة الصفحات ” إن الأرض ستكون جاهزة لزراعة الذرة وشتلات عباد الشمس خلال أيام ، وسوف يتم تجهيزها لزراعة التفاح في الموسم” ، فعباد الشمس يزرع بذرواً وليس شتلات .
وقد جاء في بداية القصة أن الأرض ” تتوسطها أشجار الزيتون العريقة؟ فكيف ستزرع أشجار التفاح وسط أشجار الزيتون ؟؟ علما بأن زراعة التفاح ليست موسمية ، والزراعة الموسمية هي للمقاثي أو ما يعرف بالخضروات الصيفية ، مثل اللوبيا ، والباميا ، والشمام ، والبطيخ ، ولكن هناك مواسم لقطف ثمار الأشجار ، وفي موسم الشتاء يحرث الفلاحون أرضهم التي ينوون زراعتها في الصيف ، كي ترتوي الأرض بمياه الأمطار، لتكون الغلال وفيرة في الصيف، كما أن هناك موسما لزراعة الأشجار بمختلف أنواعها، حتى أن شعوب منطقتنا تحتفل بيوم أسموه ” عيد الشجرة ” وهو في بلادنا في الخامس عشرمن كانون الثاني كل عام .
والكاتب الذي تحدث لنا عن رجل عجوز ، وثور عجوز ، لم يلبث أن يقع في تناقض عجيب حيث كتب في بداية القصة ” ابتسم العجوز حين رأى ولده يهرول خلف الثور العجوز ” والهرولة هي السرعة في المشي ، فكيف يهرول خلف ثور عجوز وصفه الكاتب لاحقا ” التفت الى الثور العجوز فإذا به يترنح يمينا وشمالا ”
إن حماس الكاتب لزراعة الأرض ومحاولته لفت انتباه القراء إلى أهمية ذلك- وهذا امر جيد- ، كان يحتم عليه أن ينتبه لضرورة الإلمام ولو نظرياً بطرق الزراعة .
الرسومات : وهي بريشة حسني رضوان ، فالناظر إلى لوحة الغلاف يشاهد عليها شاباً يحرث الأرض على ثور يترنح ماداً لسانه، وكأنه يسقط على الأرض، وخلفه رجل عجوز يقف تحت شجرة زيتون ، غير أن الذي ينظر إلى أرضية الصورة يرى حول المحراث، وتحت قدمي الشاب وقوائم الثور، يرى حجارة متوسطة الحجم ، وليس ترابا فتته المحراث ، وهذه الحجارة تتكرر في الصفحات الداخلية أيضا . وإذا كان الثور يترنح على الأرض على الغلاف الأول وفي الصفحات الداخلية ، فإنه على الصفحة الأخيرة يبدو جامحاً قوياً ، مع أنه يفترض حسب مضمون القصة أن يكون قد وصل إلى بداية حتفه أن لم يكن وصلها فعلا ً ، أي بعبارة أخرى أن لا تناسق بين الرسومات ومضمون القصة .
وبعده قال اسعد ابو صوي :
اذكر ومن خلال مناقشة قصة زياد فوق جبل النورس ” حديثا للاستاذ جميل السلحوت تعقيبا عل ما ورد في القصة من افكار واقتبس ” وقراءتي لقصة زياد فوق جبل النورس للكاتب السويدي بنزالبوم دفعتني كي ادخل فيما يعرف باختلاف الثقافات ، فغالبية كتاب الاطفال في الوطن العربي يكتبون عن بعض القيم مثل الأمانة ، والإخلاص ، الوفاء ، الكرم ، الشهامة ، الصدق ، المروءة والمفاهيم الدينية والغول….الخ ومع أهمية هكذا مفاهيم الا انهم يبتعدون عن الاختراعات والاكتشافات واشغال العقل في العلوم الحديثة “..
وأود ان اضيف هنا الى حديث الاستاذ جميل اننا نفتقد الى قصص تحفز الاطفال ، وتدفعهم للمضي قدما وراء تحقيق اهدافهم ، وربما تندرج هذه القصة تحت هذا الاطار.
” لاخوف على الارض ما دام هناك من يحرثها ” هكذا اراد الكاتب ان يقول للاطفال أولا ، فالموسم القادم كعنوان للقصة دلالة على الاستمرارية، وربما توحى ايضا بنوع من الفشل الآني في الوقت نفسه الوضع الحالي ، ولكن يدفع باتجاه الافضل في المستقبل .
فالثور عجوز، ولكن الابتسامة جاءت حين رأى ولده يهرول خلف الثور ، ربما يعزز ذلك ايضا رسالته ” أي الكاتب ” لحفيده كما ورد في الاهداء، بحيث لا يريده على نسق يفقده الاحساس بالألم والقدرة على الحلم. يجب علينا المثابرة في العمل نحو الافضل بايجاد البدائل، ويظهر ذلك جليا في آخر رسمتين ، فالرجل العجوز وأمامه ثور عجوز ، توحي بالوضع البائس الذي يعيشه العجوز، وخلف تلك الرسمة واحدة اخرى تصور ابنه الشاب خلف ثور نشيط فتى.
ويؤكد ذلك ايضا قول الكاتب على لسان العجوز باحثا عن حلّ : آه ايها العجوز آن لك ان تستريح
* وماذا ستفعل بالارض؟
* نحرثها من جديد وننتظر الموسم القادم .
فبرغم عدم القدرة على انجاز الحراثة هذا الموسم، فهناك دائما موسم آخر ببدائل اخرى .. !
قصة جميلة قصيرة معبرة تتخللها صورة مائية تعبر عن الموقف .
وبعده قال موسى ابو دويح :
قصة قصيرة مصورة للاطفال لاسعد الاسعد تحض على العناية بالارض وحراثتها وزراعتها، والانتماء لها والانغراس فيها ، لأنها هي الوطن، وهي الأم، وهي الهوية، وهي المنزل، وهي القبر، وبخاصة لأهل فلسطين بعد ان ضاعت او بيعت ارضهم، فأصبحوا مشردين مشتتين في الآفاق ، لا مأوى لهم ولا أنيس ،ووصلت اسرائيل الى درجة لا تسمح فيها لجثمان الفلسطيني ان يدفن في ارضه ، ان كان من اهل الشتات والضياع.
شخوص القصة الشيخ العجوز ابو العبد وولده الذي لم يذكر الكاتب له اسما ولعله ( العبد ) وحفيده عمر الذي جاء له الاهداء بقول جده : حبيبي عمر ، وكان الجد يريد ان يركز فكرة الانتماء الى الارض في نفس الحفيد الطفل الصغير ، كما ركزها في نفس ولده ( العبد ) الذي سار على نهج ابيه ( ابو العبد) حيث صار يحرث الارض ويزرعها ويهتم بها ، وهذا ما جعل ابوه ابو العبد يقول – عندما رأى ولده يحرث الارض – لا خوف على الارض ما دام هناك من يحرثها ).
في القصة سبع لوحات ملونة، كل لوحة منها صفحة كاملة تظهر فيها صورة الارض وما فيها من نباتات برية ومزروعات واشجار وبيت ابي العبد ، الذي يقع في أعلى الارض ، وثور الحراثة العجوز الذي رافق أبا العبد طيلة حياته في حراثة الارض ، والمحراث ، والثور الفتي الذي اشتروه بعد عجز الثور الاول عن الحراثة .
ولقد جاءت الارض في اللوحات السبع خالية من الاشجار إلا شجرة الزيتون التي كان يستظل في ظلها من ذلك المكان المرتفع ، مع أن الكاتب يقول : وتتوسطها اشجار الزيتون العريقة” يعني اشجار الزيتون الرومية التي زرع في عهد الرومان قبل الاسلام.
وجاءت اللوحة قبل الأخيرة ، وقد ظهر فيها الغروب، وغروب الثور العجوز وضعفه وهرمه، وظهرت فيها صورة ابي العبد منتصبا رافعا رأسه ، مع أنه يقول ” آه يا بني ، وأنا تعبت أيضا ، أصبحت عجوزا ، البركة فيكم .
يظهر في القصة أن الجيل الذي يقضي، يخلفه الجيل الذي بعده، فأبو العبد بعد هرمه خلفه ولده العبد ” ، وعندما يهرم العبد يخلفه ولده عمر أو حفيد الجد ” عمر ” ، وكذلك ثور الحراثة الذي عاصر أبا العبد في حراثة الارض، خلفه ثور فتي حرث عليه ” العبد ” وهكذا ..
وبعده قالت راحيل مزراحي طالبة اللغة العربية في جامعة تل ابيب :
“الموسم القادم ” قصة للاطفال تروي عن أبي العبد له ولد وارض وثور عجوز .
مرض ابو العبد ولكن ولده واصل عمله بصحبة ثوره العجوز ، بعدما مرض ابو العبد مرض الثور العجوز ايضا ، فقال أبو العبد : ليستريح الثور العجوز ، ونحن ننتظر للموسم القادم .
في قصة الموسم القادم عدة افكار:
أولا – صلة الانسان بالارض وبالطبيعة – تعبر القصة بشكل بسيط عن حب الانسان للارض وللطبيعة : التلال ، السلاسل الحجرية ، اشجار الزيتون ، الأزهار البرية، وتذكر من اسمائها : شقائق النعمان ، والسوسن والعصفران والحمحم وزنبق الجبل .
ثانيا- الشيخوخة – يقول الوالد : تعب هذا الثور العجوز يا بني ، ويقول أبو العبد : تعبت أيضا . أصبحت عجوزا ، يجب أن يستريحا الأب والثور أيضا.
ثالثا – تواصل الاجيال – الولد يواصل عمل الأب وهو عمل الزراعة ، ويحرث الأرض عندما يتعب الأب .
الموسم القادم هي قصة جيملة فيها كثير من التفاؤل وحب الحياة ، تعبر القصة ببساطة عن دائرية حياة الانسان، حبه لأرضه وللطبيعةأ وعن دائرية الطبيعة والمواسم .
وبعدها قال خليل سموم :
1- قصة جميلة ، مشوقة ، متميزة ، ملتزمة تفيض انسانية ، مناسبة جدا للاطفال ، فلسطينية ، خالية تماما من الوعظ ، خفيفة ، بسيطة ، شخصياتها قليلة جدا، تسير من بدايتها الى نهايتها كما الغدير العذب ، الشفاف والرقراق، تبدأ عادية ، وتنتهي حزينة .
2- القصة سهلة ، بسيطة الأسلوب ، واضحة المعنى، وموضوعها مهم جداً للقارئ الفلسطيني ، ومطلوب من جميع الكتاب الفلسطينيين التطرق إليه في كتاباتهم ، وهو موضوع علاقتنا بالأرض من كل النواحي .
3- شخصيات القصة من طبقة اجتماعية بسيطة .. فلاح وابنه .. ونلاحظ هنا أن الكاتب لم يضمن قصته أكثر من شخصيتين ، وذلك حتى يتم تركيز ذهن القارئ على فكرة القصة .
4- ركز الكاتب على العلاقة بين الوالد وابنه من جهة ، وبين الأرض وكيفية التعامل معها والاستفادة منها من جهة أخرى ، وبحث هذه العلاقة مهم بقدر أهمية بحث موضوع مصادرة الأراضي من قبل الآخرين .
5- أحسن الكاتب صنعا حينما رتب الاحداث بتسلسل زمني ، فهذا الأسلوب أفضل للأطفال .
6-استعمل الكاتب في قصته ضمير الغائب ، وكان موفقا في ذلك ، لأن قصته اعتمدت في معظمها على السرد ، واستعمال ضمير الغائب أكثر ملاءمة لأسلوب السرد .
7- بعد أن أكملت قراءة القصة ، شعرت بقولها أنها ترمز الى شيء ما، وأحسست أن هذا الشيء قائم أمامي ، لكنه ضبابا ” خفيفا ” يقف بيني وبينه ، يحجب الرؤية الواضحة ، فلم أستطع أن أتعرف عليه تماما .
8- القضية التي تطرق اليها الكاتب مهمة وكبيرة جدا ، وقد عرضها بطريقة ممتازة ، ونعتقد ان هذه القصة بشكلها هذا يمكن ان تتمدد كثيرا فتتحول الى رواية ، سواء للأطفال أو للكبار .
أسلوب الكاتب في هذه القصة سريع مركز، ليس به حشو ولا استطراد . وقد عرف الكاتب كيف يعين هدفه بدقة ، وكيف يصيبه .
10- تدور احداث القصة بشكل رئيسي بالحقل ، والجد الباقي في البيت . فالكاتب هنا اكتفى بهذين المكانين ، مما اعطى القارئ وضوحا كافيا في رؤية الاحداث .
11- كان الأفضل ان يكون عنوان القصة ” ضياع المرسم ” وكان الأفضل من ذلك وذاك وضع عنوان مناسب وجذاب أكثر للأطفال .
12- كان الكاتب موفقا جدا في وصف جزء من طبيعة بلادنا ، ورغم أن هذا الوصف كان قصيرا وبسيطا، الا أنه كان محببا، وأعطى جمالا للقصة، وخلف انطباعا جيدا لدى القارئ.
13- صورة الغلاف جميلة ، وفيها ايجابيات كثيرة ، فالوالد يبتسم ومسرور لرؤية ابنه يعمل في الحقل .
14- لغة القصة قوية ، مبسطة لتناسب الأطفال ، وحروفها محركة .
15- يبين الكاتب للأطفال نموذجا حيا للاهتمام بالارض ، وهو الوالد المهتم بأرضه ، وكذلك الإبن الذي يحرث الارض ويزرعها ، وهذه قيمة تربوية ممتازة ، فالكاتب هنا لا يكتفي بالدعوة للاهتمام بالارض ، والتشبت بها ، والعمل فيها ، وحبها ، بل يطالب كذلك باستعمال وسائل جديدة لاستغلال الارض ، لأن الارض ليست بحاجة فقط الى الحب و التعب ، بل هي بحاجة كذلك لوسائل جديدة لتعطينا من خيراتها .
16- في قصته القصيرة هذه ، ذكر الكاتب كلمة الثور عدة مرات ، وفي كل مرة كان يتبع هذه الكلمة بكلمة العجوز . والكاتب هنا كان يقصد تكرار وصف الثور بالعجوز حتى يمهد لما سيحدث ، ولا نفاجأ بقمة المأساة في القصة ، حيث بدأ الثور يترنح ، ولم يحرث الارض كما هو مطلوب .
17- في قصته هذه لوم ونقد غير مباشر للوالد الذي تشبث بالثور العجوز حتى النهاية ، وذلك من منطلق عاطفي ، لكن هذا اللوم وهذا النقد لم يكن قاسيا ، بل على العكس جاء بطريقة لينة وخجولة جدا، وذلك بسبب معرفة الكاتب بتغلب عاطفتنا على عقلنا في كثير من تصرفاتنا . والوالد هنا فرض على ابنه استعمال ثوره العجوز لحرث الارض ، ولم يلب طلب ابنه بتغيير الثور ، وكان الوالد هنا حاول اخضاع الحاضر لقواعد الماضي .
18- قضية مهمة في هذه القصة يركز عليها الكاتب ، فقد درجنا على تحميل الآخرين مسؤولية تأخرنا ، لكن الكاتب في قصته هنا يركز على ان جزءا مهما من تأخرنا هذا سببه نحن وليس الآخرين .. فلماذا نتشبت بشيء قديم طالما أنه يؤخرنا ؟ !
19 – القصة مهمة جدا في موضوعها ، وناجحة في اسلوبها للأطفال ، وتتضمن قيما تربوية ايجابية مهمة .
-20 ونقترح كذلك منح الكاتب جائزة عن قصته هذه ، وذلك لأنه يستحقها فعلا ، ولكي نلفت نظر كتاب الاطفال الآخرين في وطننا الى أن عليهم التطرق في كتاباتهم الى قضايا شعبهم المهمة والملحة ، مثلما فعل كاتبنا في قصته هذه .
وبعدها قالت سوسن ادكيدك :
هي قصة واقعية من حيث احداثها وأماكنها وشخوصها، تعبر عن الواقع الريفي الفلسطيني تحديداً. يذكر الكاتب فيها جماليات الريف وخيراته الى درجة تجعلنا نشتاق الى الذهاب الى منطقة زراعية، للابتعاد عن ضجيج وزحمة المدينة، وفي الوقت ذاته تقدم لنا القصة فئتين عمريتين، الأولى: هي العمرية التي ينتمي لها ابو العبد ، وهو الشخصية كبيرة السن التي ارتبطت بالارض طوال حياتها ، والتي تربط مستقبلها بمواسم الحصاد والزراعة، وما الى ذلك ، ويشكل خوفه من تقدم العمر به خوفا ينصب في قلقه على أرضه، لكنه يجد عزاءه بابنه الذي بدا بإكمال مسيرة والده . والذي ينتمي الى الفئة العمرية الثانية ، الفتية والقوية . وكم أعجبني ذكرأسماء بعض الازهار والنباتات البرية في القصة ، فخيل لي بأنني أراها .
لكن من وجهة نظري القصة لا تصلح للأطفال ، فنهايتها تحمل رموزا تكاد تكون رموزا وطنية – أو كما رأيتها – فقول العجوز: ” ماذا ستفعل بالارض ؟” يثير فيّ خيال مقاتل قضى حياته في النضال . ولكنه لم يذق طعم الانتصار بعد ، وأجابه ابنه :” نحرثها من جديد وننتظر “:الموسم القادم” تبين أن النضال الذي لم يكتمل ، سيكمله الجيل التالي وهكذا . وان هذا الجيل لم يستسلم رغم قساوة الظروف، ومن هذه الرؤية الخاصة اجدها اقرب الى فن القصة القصيرة منها الى قصص الأطفال .
ولكن هذا لا يمنع من ان القصة جميلة، وتطرح قضية الاستمرارية بين الاجيال في تحمل المسؤوليات والاعباء جيلا بعد جيل.