اعتقد ان احدا من رؤساء وزارات اسرائيل منذ نشوئها كدولة في 15-ايار 1948لم يكن بوضوح بنيامين نتنياهو في فهمه للسلام الصهيوني مع العرب،فالرجل واضح وضوح الشمس في آرائه حتى قبل ان يصل لرئاسة الحكومة،وذلك في كتابه الصادر في بدايات تسعينات القرن الماضي،والذي ترجم الى العربية تحت عنوان”مكان تحت الشمس”فهو يريد الاحتفاظ بالأراضي العربية المحتلة كاملة،بما فيها الجولان السورية،واذا ما بقي اصرار العالم على اقامة دولة فلسطينية فلتكن الأردن التي هي جزء من “أرض اسرائيل” حسب رأيه،وطريقة استقباله لنائب الرئيس الامريكي المهينة في الايام القليلة الماضية،من خلال الاعلان عن اقراربناء 1600وحدة سكنية استيطانية في القدس العربية المحتلة بعد الاتفاق على البدء بمفاضات فلسطينية اسرائيلية غير مباشرة وبغطاء عربي رسمي لم تكن خطأ لا في التوقيت ولا في المضمون،بمقدار ما كان الاعلان عن سياسة رسمية،وخطابه يوم الاثنين الماضي امام منظمة اليهود الامريكيين”الايباك”والذي جاء فيه” ان البناء في القدس سيستمر لأن القدس ليست مستوطنة،فالقدس العاصمة الأبدية لاسرائيل”،وتصريحة السابق عشية سفره لأمريكا بأن “البناء في القدس مثل البناء في تل أبيب”وقوله لزعماء بارزين في الكونجرس الامريكي خلال زيارته لواشنطن يوم الثلاثاء 23 آذار الحالي وقبل لقائه بالرئيس الامريكي اوباما”ينبغي ألا نكون رهائن لمطلب غير منطقي وغير عقلاني.. هذا من شأنه أن يوقف مفاوضات السلام لعام اخر.”تؤكد على هذه السياسة الرسمية.
واذا كان حتى مجرد طلب وقف الاستيطان غير منطقي وغير عقلاني-حسب رأي نتنياهو-،فعلى ماذا سيتفاوض المتفاوضون؟
والقدس الشرقية المحتلة التي يواصل نتنياهو تهويدها بالبناء الاستيطاني،وبالاستيلاء على البيوت العربية واخلائها واحلال مستوطنين يهود فيها مثلما هو حاصل في حيّ الشيخ جراح،وهدم احياء عربية بكاملها مثلما هو مخطط لحيّ البستان في سلوان،ومنع البناء العربي فيها،وممارسة التطهير العرقي ضد مواطنيها،والحفريات القائمة فيها ،ومنع المصلين من الوصول الى مساجدها وكنائسها،ليست مستوطنة كما قال نتنياهو،مع أنه وأسلافه حولوها الى مستوطنة من خلال المستوطنات المقامة على اراضيها والتي تزيد عن 65 الف وحدة سكنية،واكثر من 200 الف مستوطن فيها،وتزداد الاعداد يوميا،لكن نتنياهو يتكلم من منطلق القوي،الذي يخطط ما يريد،وينفذ ما يريد دون أن يرى امامه أحدا،ودون اعتبار للقانون الدولي او لقرارات مجلس الأمن الدولي،او للرأي العام العالمي،ومع ذلك فانه لم يحفظ ماء الوجه حتى لأولياء نعمته في امريكا الذين يؤكدون في كل تصريح يتعلق بالنزاع الشرق اوسطي،او بعنجهية نتنياهو على التزام امريكا الكامل بأمن اسرائيل.
وما اعتبار نتنياهو المطلب الفلسطيني والعربي بوقف الاستيطان بانه غير منطقي وغير عقلاني،الا بمثابة دعوة للمفاوضين الفلسطينيين والعرب بالتوقيع والاقرار لاسرائيل بالاحتفاظ بالاراضي المحتلة،والفضل لنتنياهو اذا فاوضهم بعد عام،فنظريته كما جاءت في كتابه آنف الذكر تقول”بان العرب يرفضون كل شيء يعرض عليهم،ثم لا يلبثون ان يتكيفوا معه،فهل سيتكيف القادة العرب مع طروحات نتنياهو بعد عام؟وهل سيرضخ القادة العرب في مؤتمر القمة العربية المزمع عقده في ليبيا يوم السبت القادم لضغوطات”الصديقة”امريكا ويقبلون في دخول المفاوضات قبل وقف الاستيطان؟ هذا ما ستكشفه الايام القليلة الماضية…لكن لا تستبشري يا قدس،لأنه لا بدائل عربية لسياسة نتنياهو.
23-3-2007