يشترك شقيقاي داود وراتب مع بشير الشّوامرة من عرب التّعامرة، وشخص باكستانيّ اسمه يوسف في مسلخ اسلاميّ في ولاية انديانا الأمريكيّة المجاورة لمدينة شيكاغو في ولاية إلينوي، وهذه الولاية لا جمارك فيها، لتسهيل الهجرة والاستثمار والسّكن فيها، يقع المسلخ في منطقة زراعيّة مفتوحة، فيه بركسات لحفظ الحيوانات فيها، وفيه بناء يحوي مكاتب وأماكن للذّبح والسّلخ، وثلاجة ضخمة لحفظ الّلحوم، وهي مقامة ومصمّمة حسب مواصفات وزارة الصّحة الأمريكيّة، ومكاتب إداريّة، وأمامه براميل من معدن لا يصدأ توضع فيه جلود ورؤوس وأمعاء ومعدات ورئات الحيوانات التي تذبح، لتأتي سيّارات خاصّة تحملها وتلقي بها في مكبّ نفايات خاصّ، لأنّ الأمريكيّين لا يأكلونها.
والذّبح في المسلخ لا يتمّ إلا بوجود طبيب بيطريّ موظّف في وزارة الصّحة الأمريكيّة، يفحص الحيوان المراد ذبحه وهو حيّ، ويفحصه بعد السّلخ، ويراقبه أثناء الذّبح، ويجب على الجزّار المسلم أن يكون متدرّبا ومتمرّسا على ذبح الأنعام، ويمنع عليه أن يحزّ رقبة الحيوان أكثر من مرّة واحدة، لذا ففي المسلخ سكاكين حادّة جدّا وبأحجام مختلفة، وبالنّسبة لذبح الأبقار فهناك مسدّس خاصّ، له رصاص خاصّ، يطلق منه رصاصة على جبين العجل المراد ذبحه، والذي يكون محشورا بين قواطع حديديّة، فيصاب بالدّوّار دون أن تجرحه، لكنّها تعيق قواه للحظات يتمّ ذبحه فيها. ومن يخالف شروط الذّبح فعقابه غرامة ماليّة عالية، وقد تصل إلى سحب ترخيص المسلخ ومنعه من ممارسة عمله. اقشعرّ بدني عندما تذكّرت ما بثّته إحدى القنوات التّلفزيونيّة عن ذبح البقر في إحدى الدّول العربيّة الشقيقة، حيث كان الجزّارون يحشرون الأبقار المراد ذبحها غي مكان محاط بالحديد، وينهالون عليها ضربا بالنّبابيت والمواسير الحديديّة حتى تنهار قواها وتسقط فيذبحونها.
والأنعام في أمريكا رخيصة الثّمن قياسا ببلادنا، فالأمريكيّون لا يأكلون لحوم الضّأن والماعز، ومن يربّونها منهم في مزارعهم الشّاسعة التي يربّون فيها الأبقار، فإنّها تكون للزّينة فقط، ويشتريها مهاجرون من الشّرق الأوسط ، أذكر أنّ أمريكيا أعلن عن وجود خمسة وعشرين خروفا عنده تتراوح أوزانها بين 30 و 50 باوند، ووضع رقم هاتفه، اتصل به أخي داود واشتراها منه بألف ومئتي دولار. وهناك مزارعون يرتادون المسلخ ومعهم يضع عشرات من الماشية يبيعونها بدون وزن، وبسعر رخيص. ذات يوم جاء مزارع بأربعة ظباء يزن الواحد منها أكثر من ثلاثين باوندا، طلب مئة دولار ثمن لها، فاشتراها منه أخي دواد، وفي نفس اليوم جاء مزارع معه حيوان “الّلاما” فيه لحم صاف يزيد على المئة كيلوغرام، عرضه للبيع بمئة وعشرين دولار…لم يبتعه داود منه لأن ثلاجة البيت لا متّسع فيها.
وهناك تجّار للماشية، عندهم القدرة لتلبية مطالب زبائنهم من مسالخ وملاحم وغيرها بأعداد الماشية التي يريدونها ولو كانت بالآلاف. وهم يبيعونها بالوزن حيّة بسعر دولار وعشرة سنتات للباوند الواحد.
أمّا الأبقار فيترواح سعر الواحدة منها بين المائتين والأربعماية دولار. ومعروف أنّه لا يوجد تسمين للماشية في أمريكا، فالماشية تعيش على الأعشاب الخضراء المتوفّرة على مدار العام، وفي المناطق التي تتساقط فيها الثّلوج شتاء، يطعم المزارعون ماشيتهم أعشابا يابسة، تتراوح بين البرسيم وقشّ الحبوب.
الصّيّادون
في أمريكا مواسم للصّيد، تحدّد فيها أماكن الصّيد ضمن مواصفات تضعها الجهات المسؤولة بناء على دراسات، وهناك من يهوون الصّيد، ومن الصّيّادين في تلك المنطقة من يأتون لسلخ وتقطيع صيدهم في المسلخ، ويتقاضى المسلخ 70 دولارا على كلّ غزال.
وفي المحميّات التي يسمح الصّيد فيها حرّاس قنّاصون، بامكان من لا يجيد الصّيد أن يستعين بأحدهم…يقلّه معه في السّيارة، يمرّون بقطعان الغزلان، يشير الزّبون إلى الظبي الذي يريده، فيقنصه الصّياد بخرطوشته المزوّدة بناظور برصاصة واحدة.