ماذا تريد الجماعات”الجهاديّة” التي تمعن قتلا وتدميرا في سوريا والعراق وليبيا ومصر وغيرها؟ وهل هي جهاديّة حقا؟ وماذا تستهدف في هجماتها؟ لقد تركت بلدا فقيرا مثل الصومال قاعا صفصفا، ودمّرت وقتلت مئات الآلاف في الجزائر في تسعينات القرن الماضي، وكرّرت أفعالها الاجرامية في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وهي تستهدف الجيش وقوى الأمن والمنشآت المصرية، وحادثة يوم 25-10-2014 في سيناء والتي سقط فيها عشرات الجنود المصريين بين شهيد وجريح ستبقى وصمة عار تطارد القتلة ومن يقفون خلفهم.
فهل عداء “المتأسلمين” الجدد هو مع شعوبهم وجيوش بلدانهم ومنشآتها؟ وماذا يريدون؟ والى أين يريدون الوصول؟ ومن يموّلهم بالمال والسلاح؟ ومن يدرّبهم؟ فاذا كانوا يريدون السيطرة على مقاليد الحكم فهل بالقتل والتدمير سيصلون؟ وهل هم مؤتمنون على شعوبهم وأوطانهم ما داموا يقتلون الشعوب بغير حق ويدمرون الأوطان؟ وهل هم يسعون الى اصلاح الفساد المستشري أم يغذونه؟ أم أنّ قياداتهم تضللهم وتزج بهم في “الفوضى الخلاقة” التي تسعى الى تقسيم بلدانهم بعد تدميرها الى دويلات متناحرة تحقيقا لأجندات أجنبية معادية؟ وعلى أيّ أساس يُكفّرون شعوبهم وجيوشهم ويستبيحون دماءها؟ واذا ما أصابنا الجنون مثلهم واعتبرنا الشعوب والجيوش كافرة، فهل الوطن كافر حتى يتم تدميره؟ وهل هم بهذه الأفعال يخدمون “الاسلام” أم يشوّهونه؟
بدأوا باستباحة دماء غير المسلمين من أبناء شعوبهم كاستهداف المسيحيين والأزيديين في العراق وغيره، ولم ينج منهم المسلمون أيضا، فماذا يريدون؟ ومن هو المسلم في نظرهم؟ ومن هو المواطن أيضا؟ فالدولة الاسلامية زمن الخلافة عرفت التعددية الدينية، وعاش فيها المسيحيون واليهود بسلام. ولم يجبرهم أحد على ترك دينهم أو اتباع الاسلام، كما لم يُجبروا على ترك ديارهم وأوطانهم.
ونشاهد في سوريا والعراق وليبيا واليمن جماعات اسلامية تقاتل بعضها بعضا، وكل طرف منهم يُكقر الآخر، لكنهم متفقون على قتل شعوبهم وتدمير أوطانهم، فالى أين نحن سائرون؟ لكن اللافت أن هناك أنظمة عربية تموّل هذه الجماعات الارهابية بالمال والسلاح، وتتيح لهم فرصة التدرب والتدريب على أراضيها، ثم تشحنهم للقتال في دول مجاورة، مع معرفتها المسبقة أنّهم سيرتدون للقتال والقتل والتدمير في البلدان التي ترعرعوا فيها، ولم تتعلم الأنظمة الممولة والداعمة من تجاربها السابقة، وما تجربة أفغانستان والقاعدة ببعيدة. ولا يمكن فهم أن دولا عربية تموّل الجماعات الارهابية للقتال في سوريا وتنتقد جرائمها في دول أخرى، ولا يفهم من هذا أن الارهاب مسموح في دول وممنوع في أخرى، بل هو ممنوع ومدان في الدول جميعها. وأمريكا الدولة الأعظم في العالم ليست بعيدة عن الارهاب “المتأسلم” في الدول العربية، رغم حلفها الكونيّ المعلن لمحاربة داعش في العراق وسوريا، وهي ليست عاجزة عن القضاء عليها، لكنها تمولها مباشرة أو عن طريق وكلائها في المنطقة لتمرير مخططاتها لاعادة تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية متناحرة، لتأمين مصالحها ومصالح حليفتها اسرائيل.
26-10-2014