القدس:22-11-2007
ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس حكاية التفاحة الحمراء التي كتبها يان ليف وقام برسم رسومها بنفسه. و الحكاية الصادرة عن دار المنى في السويد تعتبر من روائع الأدب السويدي، كما جاء على غلافها الرئيس، و قد ترجم النص إلى العربية د. وليد سيف.
بدأ النقاش إبراهيم جوهر فقال:
النص الذي بين أيدينا هذه الليلة حكاية. حكاية بالمعنى الفني الذي يوصل رسالة واضحة إلى قارئه. و مؤدى هذه الرسالة بوضوح:
الخير ينتصر في النهاية، و على الباغي تدور الدوائر.
و هي تعتمد أسلوب انتقال الحدث الدرامي بسرعة، و تغيّره السريع هذا يقود إلى نهاية مرسومة سلفا.
ولعل في هذا الانتقال فائدة تعليمية- تثقيفية- معرفية، إضافة إلى توفيرها عنصر التشويق، و انضمامها إلى النمط السريع في القص و الحدث الذي يجاري سرعة إيقاع الواقع الحياتي نفسه.
إنها حكاية رجل عجوز بسيط ذي بدلة مخططة( و لعل في هذه الخطوط إشارة إلى استقامة و سلامة طويته) يأخذ تفاحة بلاستيكية من البائع ظنا منه أنها تفاحة حقيقية، وهو يستجيب لنصيحة البائع الماكر، فيضعها على النافذة لتتعرض للشمس فتنضج، ثم ينشغل بصنع نموذج سفينة و ينهمك بعمله هذا، فلا يشعر بسقوط التفاحة من النافذة … لتبدأ رحلة جديدة للتفاحة حتى تعود في النهاية إلى صاحبها الرجل العجوز البسيط ذي البدلة المخططة… و لكن هذه العودة تكون لتفاحة حمراء حقيقية ،و ليس لتلك التفاحة البلاستيكية.
من ناحية شكل الحكاية لا جديد، ولكن الجديد هذه المرة يتمثل في كون الكاتب هو من رسم الرسومات الجميلة المعبرة، ومن قاد الحدث ببراعة محببة للأطفال، ومن أنهى حكايته بوصف جميل لانشداه البائع حين رأى الرجل العجوز وهو يحمل تفاحة تشبه تفاحته الأصلية التي احتفظ بها ليفوز بجائزة معرض الفواكه. يقول في هذه النهاية، “جلس بائع الفاكهة تحت شجرة التفاح في حديقته مفكرا.
حاول تفسير كل ما حدث، و لكنه لم يتوصل إلى حل. على أية حال، لا أحد يتوقع منه أن يجد الجواب.”
و هي في رأيي نهاية مفتوحة لإعادة التفكير في سير الحكاية نفسها من بدايتها… و للتفكير في واقع هذا البائع الماكر بعد هذه الحيرة.
ثم قال موسى أبو دويح:
كتب الأديب الفنان ” يان ليف” حكاية التفاحة الحمراء التي تعتبر من روائع الأدب السويدي، و نقلها إلى العربية الدكتور وليد سيف، الأديب الفلسطيني المعروف المشهور بفصاحته وتمكنه من اللغة العربية والتربع على ناصيتها، و بالمناسبة هو كاتب تامسلسل التلفـزيزيوني الزير سالم في حرب البسوس التي دارت رحاها بين التغلبيين و البكريين أو بين قبيلتي بكر و تبلب.
الرسومات في القصة رائعة ، وواضحة و معبرة جميلة لامعة، و اللغة أكثر جمالا وروعة، أنظر جمال التصوير و السجع في قوله: ” كان بائع الفاكهة غاضبا، لأن سياج حديقته قد تهدم. وغضب مدير المدرسة، لأن مقدّم سيارته الجديدة قد تحطّم.
و بينما القوم منشغلون يفكرون في الحادث جاء الطالب نادر على دراجته وقطف التفاحة الحمراء لمعلمته: إلا أن اللص المتخفي خطفها منه، و لكنه اصطدم بمدير المدرسة، فطارت التفاحة من يده عبر النافذة ،حيث التقطها أحد رجلي الإطفاء اللذين قدما لإنقاذ الهرة. فوضعها على شباك الرجل العجوز ليخلص الهرة بكلتا يديه.أخذ الرجل العجوز التفاحة وقال لقد غدت ناضجة جميلة، وذهب ليشكر بائع الفاكهة، الذي جن جنونه عندما رأى التفاحة في يد الرجل العجوز. و ذهب إلى صديقه فلم يجد التفاحة على الشجرة، ولم يستطع أن يفسر شيئا مما حدث. أما الرجل العجوز فقال: “من يصبر ينل”.
القصة تنتقل من لغز إلى لغز، ومن عقدة إلى عقدة، ومن حبكة إلى حبكة، كأنها ساحر يلعب بعقول الناس، و لا يجدون لما يرون تفسيرا.
لقد أبدع الكاتب حقا في هذه العقد أو الألغاز التي جاءت في حوالي خمس مئة كلمة في زمن لا ساعة واحدة بقصة فيها أكثر من عشر عقد، وحلها جميعا حلا مقنعا يقبله العقل و ترتاح له النفس، و يخلص إلى نتيجة يرتاح لها الإنسان السوي، فالظلم عواقبه واضحة و الغدر و المكر لا يحيق إلا بأهله.
و ختاما إن الكاتب و الناقل إلى اللغة العربية مبدعان كلاهما.
ثم قال محمد موسى سويلم:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” من غشنا فليس منا” تاجر يبيع تفاحة بلاستيكية على أنها حقيقية، و يطلب منه أن يضعها في الشمس حتى تنضج.
سأقطف هذه التفاحة الرائعة وأهديها إلى معلمتي لعلها ترفع علامتي في الحساب أي تفكير هذا؟ وأي تربية هذه؟ و أي جيل هذا الذي يفكر بهذا الشكل؟ خرج اللص من غرفة الصف مسرعا وهو يحمل التفاحة في الممر، و اصطدم بالمدير فطارت منه التفاحة ، وسقطت من النافذة لتجد سيارة الإطفاء و المساعد في انتظارها يا لسخرية القدر، جلست التفاحة الحمراء محل التفاحة البلاستيكية الخضراء وعلى رأي المثل “الله بكسر جمل على شان يعشي واوي” و كما يقال “على نياتكم ترزقون” يعود مرجوعنا إلى العجوز بعد ما أكمل عمله في بناء نموذج الباخرة، ينظر إلى النافذة ليجد تفاحته قد نضجت، ولكن مقضوم منها قضمة. فجاءت الدقة في الببغاء المسكين. و على رأي المثل: “اللي إلك إلك و اللي مش إلك محرم عليك”.
و البائع الغشاش راحت تفاحته إلتى كان يراهن عليها، وراح سور الحديقة، وقد حط كف على كف راح العجوز ليشكر بائع الفواكه على هذه التفاحة عندما رآها لم يصدق عيناه.
ترى ما القصد التربوي و التعليمي من القصة بائع غشاش… لص في الصف… بنت تنظر إلى التفاحة بشكل غريب … طالب يريد إن يرشي المعلمة كي ترفع علامته…. ثم يقال من روائع الأدب السويدي…. شكرا لمن يكتب مثل هذه الأدب المعبر، شكرا لبراءة الأطفال وعفويتهم و الله من وراء القصد.
ثم قال سامي الجندي: اعتمد الكاتب على الصور والرسومات لتكون مكملة للنص المكتوب. وقد اعتمد الكاتب أسلوب الرفق بالحيوان حين أشار إلى حادثة القطة التي استدعي لها فرقة إطفاء. فهي فعلا من روائع الأدب.
ثم قال ربحي الشويكي:
هذه قصة حقا من روائع الأدب.
الملاحظ أن انتقال التفاحة لم يكن بوسائل شرعية و القصد منها الطرافة.
ثم قال خليل سموم:
الفكرة العامة: في النهاية انتصر الخير على الشر. و هذا ما حدث للتفاحة.
الكاتب أراد أن يقول: لا بد أن ينتصر الخير.