لا يمكن التعامل مع التعليم والمؤسسة التعليمية بشكل عادي، فبالتعليم تنهض الشعوب والأمم، ولا شكّ أن الفارق بيننا وبين الشعوب المتقدمة هو فارق علمي، والشعوب المتقدمة علميا متقدمة في بقية مناحي الحياة المختلفة، كما أن أحد أسباب الهزائم التي نعيشها، والتي أضعنا فيها أوطانا، وخسرنا فيها أنهارا من الدماء الزكية هو الجهل وعدم التقدم العلمي، ولإغراقنا في الجهل فقد حولنا الهزائم الى انتصارات، وبرأنا أنفسنا من أسباب ذلك، وحملنا المسؤولية لغيرنا… والحديث هنا يطول ولسنا في مجال بحثه.
وما يهمّنا هنا هو التعليم الالزامي وكيفية الحفاظ عليه وتطويره، ولا بدّ هنا من التذكير بأهمية فاعلية أطراف العملية التعليمية وضرورة تشابكها لنجاح عملية التعليم، فالتعليم يقوم على التعاون بين الادارات المدرسية وبين أولياء الأمور، واذا كنا نصرّ على ضرورة وجود إدارات وهيئات تدريسية مؤهلة وذات كفاءة، إلّا أن هذا يتطلب أن يصاحبه قوانين تعليمية رادعة، وأولياء أمور معنيون بتعليم أبنائهم، ومن يتجول في محيط غالبية مدارسنا وخصوصا في القدس، سيجد طلابا من مختلف الأعمار يتسكعون في الشوراع في ساعات الصباح بعد قرع جرس بدء الدوام الدراسي، وبعضهم قد يضيّع أكثر من حصة دون اكتراث، ودون خوف من عقاب، وبعض الأطفال يخرجون من بيوتهم الى المدرسة بعد الثامنة، علما أن بيوتهم لا تبعد كثيرا عن المرسة، فأين أمّهاتهم وآباؤهم؟ وما هو دورهم وحرصهم على تعليم أبنائهم؟ وبعض الطلبة في الاعدادية يتسكعون في الطرقات يدخنون ويلهون، وإدارات المدارس ممنوعة من عقابهم، وأولياء أمورهم لا يهتمون بسلوك أبنائهم. بل إن بعض أولياء الأمور لا يعرفون الصّفّ الدراسي الذي وصل اليه أبناؤهم وبناتهم، وبعضهم يذهب الى المرسة في نهاية العام الدراسي ليعتدي على المعلمين لأن ابنه أو ابنته رسب في الصف.
واذا ما دعت ادارة المدرسة الى اجتماع لأولياء الأمور لبحث قضايا تهمّ أبناءهم وبناتهم فان الاستجابة للدعوة شبه معدومة، وحتى في قضايا مخالفات الطلبة الفردية فان أولياء الأمور لا يستجيبون لدعوة اداراة المدرسة لبحث مخالفات ابنهم، ويصاحب ذلك عدم وجود قوانين رادعة ونافذة لمخالفات الطلبة، وكأن الالتزام بالدوام المدرسي، واحترام النظام والقانون أصبحت غير مهمّة، وحتى أن هناك طلبة يقومون بتكسير ممتلكات المدرسة من أبواب ونوافذ ومقاعد وغير ذلك دون رادع.
ومن اللافت والمؤسف أن بعض الطلبة يحملون في حقائبهم سكاكين وغيرها من الأدوات الحادة ليعتدوا بها على زملائهم، وهذه يأتون بها من بيوتهم، فأين دور الآباء والأمهات؟
وكثير من الطالبات والطلاب وفي مراحل عمرية مختلفة يحملون هواتف نقالة”بلفونات” علما أنهم ليسوا بحاجة لها، فمدارسهم لا تبعد كثيرا عن بيوتهم، ويستعملونها في الصف لسماع الأغاني، أو لإرسال الرسائل الصامته لبعضهم البعض، ولا ينتبهون للمعلم، وما يتبع ذلك من فشل في الدراسة، قد يصل الى التسيب من المدرسة ليزداد عدد العاطلين عن العمل، وغير ذلك.
وبالتأكيد فان إدارات المدارس وهيئاتها التدريسية غير قادرة على ضبط العملية التعليمية بدون تعاون أولياء الأمور.
واذا كان فاقد الشيء لا يعطيه، فإن وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والمؤسسات والجمعيات والأندية مطالبة بتوعية الجمهور حول أهمية التعليم، وحول المطلوب منهم للحفاظ على أبنائهم لتكميل دراستهم وللالتحاق بالجامعات، وكذلك لخطباء المساجد دور في هذا المجال، فبدلا من التركيز على زواج القاصرات وشتيمة من يخالفون الخطيب في الرأي، حبّذا لو يتم التركيز على التعليم وأهميته، لأن التعليم الصحيح هو مكمن الدواء لمشاكلنا على مختلف الصعد.
ولمّا كان البعض يطالب الجامعات بتخفيض معدلات القبول في مختلف الكليات، فيا حبّذا لو أنهم يحرضون الطلبة على الاجتهاد ليحصلوا على معدلات عالية تؤهلهم للالتحاق بالجامعات.
15-9-2013