هدى عثمان أبو غوش:
رواية الخاصرة الرخوة والمرأة
“الخاصرة الرخوة”روايّة للأديب الفلسطيني جميل السّلحوت،صدرت عن دار النّشر مكتبة كلّ شيء في حيفا 2020.
العنوان”الخاصرة الرّخوة”مصطلح ذو طابع عسكريّ يطلقونه على امتداد جغرافي له بعد معيّن، يشكلّ بمجمله منطقة ضعف بالنسبة لدولة أو منطقة ما، وفي الرّوايّة فإن المرأة هي الخاصرة الرّخوة للرّجل وللمجتمع. وفي صفحة 126هناك ذكر للخاصرة الرّخوة”المرأة خاصرة المجتمع الرّخوة”.
في هذه الرّوايّة الإجتماعيّة يقرع الكاتب جميل السّلحوت بأُسلوبه السّلس البسيط غير المعقد التأثير السلبيّ لأفكار المجتمع على الفرد وخاصّة المرأة، الفكر المتطرف المتمثل بأُسامة وفهمه الخاطئ للدّين، أُسامة شاب متعلّم ويعمل في السّعوديّة، يرتبط بجمانة الجامعيّة ويضطهدها بأفكاره دون أن يشعر بأيّ ذنب، لأنّه يظنّ أنّه في الإتّجاه السّليم والصحيح، وهو لا يعلم أنّه مريض بفكره المتطرف، وهنا تتحول جمانة الخاصرة الرّخوة لأسامة وتشبه علاقتها بزوجها المعقد نفسيّا بإحتلال وطنها من قبل العدوّ.
ويبدو تأثير الفكر السّلبي والمعتقدات الخاطئة على المرأة بشكل بارز ومؤثر من خلال عرضه لشخصيّة عائشة، التّي وقعت ضحية المفهوم الخاطئ لغشاء البكارة وعلاقة فضّه بليّلة الدّخلة، حيث تمّ طلاقها بعد ثلاثة أشهر بسبب زعمهم عدم وجود بكارتها، في حين اتّضح بعد زواجها الثاني وإنجابها المولود أنّ السّبب في ذلك هو كون الغشاء مطاطيّا. وبذلك كانت عائشة الخاصرة الرّخوة لزوجها وللمجتمع الذّي جعل منها متّهمة دون ذنب اقترفته حتى نالت البراءة فيما بعد.
أمّا شخصيّة صابرين الجريئة في تصرفاتها وعلاقتها مع يونس فهي الخاصرة الرّخوّة للمال والثراء ولزير النسّاء.
يرسم الكاتب الحالة النفسيّة في الرّوايّة من خلال شخصيّة أُسامة المصاب بتوتر عصبيّ ناتج عن جهله في التعامل العاطفي مع جمانة، وهذا ما أثّر عليه في ليلة دخلته، وكان الدّواء هو المساعد لخروجه من تلك الأزمة.
الحالة النفسيّة عند جمانة كانت واضحة، فجمانة حاولت رفض زواجها من أُسامة، لكنها لم تفلح، فكانت حالتها منذ عرفته تتصف بمشاعر الكبت، البكاء، محاولة الإنتحار؛ بسبب الضائقة النفسيّة التّي ألمّت بها بسب تعامل أُسامة غير المنطقي معها، ورغم المعاناة فهي تلبس قناع الرّضا والسّعادة في حديثها مع والدها وتستخدم صيغة المبالغة، تقول:” لا تقلق عليّ بابا حبيبي وأنا بألف خير وبمنتهى السّعادة”، وفي النّهايّة نجحت جمانة في التّغلب على معاناتها من خلال التصميم على الطلاق حين رجعت إلى بيت أهلها.
يصوّر لنا الكاتب الحالة النفسيّة عند عائشة، الطفلة ابنة الخامسة عشرة عاما، مشاعر الخوف والرعب منذ بدايّة زواجها، الوحدة والإنفراد الذاتي،الحزن والبكاء، فقدان الشهيّة للطعام، محاولة التّفكير بالإنتحار.
نجد في الرّوايّة تشابها في مصير الشخصيّات التّي حددّها الأديب لهنّ في النهايّة، ألا وهو الطلاق عدا عن عائشة التّي تزوجت مرّة ثانيّة.
جاء دور الأمّهات غير مساند لأبطال الرّوايّة، أُمّ جمانة تصرّ على تزويج ابنتها، بالرّغم من عدم قبول جمانة، وتقنع زوجها بالقبول “رد للجماعة خبر بالموافقة، واترك جمانة لي”.
أُم ّعائشة مغلوبة على أمرها، فهي الشاهدة على الضحيّة بالرّغم من معرفتها صدق ابنتها، حاولت مناقشة زوجها، لكنها قوبلت بالرفض واتهمت تربيتها الخاطئة لإبنتها، ولذا استسلمت للواقع حين أرادوا تزويج عائشة لرجل غير مناسب لها من ناحية الفارق بالعمر:” أعرف أنّك مظلومة، لكن ليس لديّ إثبات على براءتك….إنّ هذا الخاطب مناسب لك مع فارق العمر بينكما “القطعة ولا القطيعة”.
أُمّ صابرين هي الأمّ القلقة الخائفة على مصير ابنتها التّي سلكت طريقا منافيا للأخلاق في علاقتها مع يونس، كانت حاسمة مع ابنتها بشأن يونس، ممّا جعل صابرين تسارع في طلب خطبتها من عشيقها.
أمّا أُمّ أُسامة فكانت شخصيّة مختلفة، فهي ديناميكيّة وبارزة في الرّوايّة، لها دور فعّال، أبدع الكاتب في صقلها وفي دقّة تحركاتها، حديثها، فهي شخصيّة مسيطرة ذات لسان حادّ، هي نموذج للمرأة النّمامة في المجتمع، مريضة في فكرها وترى من حولها كلعبة تريد تحريكها حسب مزاجها، تقول في نهايّة الرّوايّة:” لا ردّها الله، وقد فعلت خيرا بطلاقها،سنزوّجك صابرين ابنة عمّك، فلديها عشرات آلاف الدّنانير التّي حصلت عليها من طليقها”.
وردت في الرّوايّة، الأمثال الشعبيّة التّي ساهمت في التعبير عن الأحداث بشكل متناسق ومؤثر.
وردت بعض الآيات القرآنيّة بصورة طويلة، وبعض الأحاديث لمختلف الفقهاء والشّيوخ، فاسترسل كثيرا، كما وأطال في أُغنيّة “دبلة الخطوبة”فكان بإمكان الأديب أن يختصر مع إيصال الفكرة.
وردت بعض الأخطاء المطبعيّة،في صفحة(131)”عندما طرقت باب بيت أبي أسامة”والصحيح أبي جمانة.وأيضا “لم يشأ أبو أَبو أُسامة”والصحيح أبوجمانة.