اعترف أنني لم أشاهد الفنان الصاعد والواعد محمد عساف على الشاشة الصغيرة في برنامج
“ِArab Idol ” سوى الليلة الماضية، فأنا لست ممن يقضي وقته أمام الشاشة الصغيرة، ولا أتابع برامج التلفزة العربية، تماما مثلما لا يوجد لديّ وقت لسماع الأغاني، فلديّ أوقاتي للمطالعة وللكتابة، ولعلاقاتي الاجتماعية وما يفرض عليّ من علاقات لا خيار لي بها كوني أعيش في بيئة عشائرية، ولأسباب ثقافية أخرى، وفي أوقات فراغي لا أستمع إلا لملكة الغناء السيدة فيروز، وأحيانا لكوكب الشرق عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، أمّا أغاني الأجساد العارية والكلمات التي بلا معنى فإنني وإياها في خصام دائم، وفي ساعات صفوتي وأثناء المطالعة أو الكتابة فانني أستمع الى موسيقى هادئة بدون كلمات.
وعدم تخصيص وقت مني للغناء والطرب ليس نتاج موقف معاد من الفنون، وانما لقصور منّي ولضيق الوقت.
وتعمدت بالأمس حضور فقرة محمد عساف بعدما قرأت بعض المقالات حول مشاركته الفنية، وقرأت مقالات أخرى لمن “ينعمون” بجهلهم وانغلاقهم الثقافي ويعارضون الغناء أو مجرد المشاركة في برنامج غنائي، إمّا لتحريمهم الغناء، أو خوفا من انتقاص نسبة”الرجولة” عندهم على رأي مسؤول كبير في “إمارة” غزة. ولم يلتفتوا أو هم لا يعلمون دور الابداع في رفع القضية الفلسطينية، تماما مثلما لا يعلمون أننا شعب كبقية الشعوب لنا ما لنا وعلينا ما علينا، وهذا الشعب هو الذي أنجب الأسطورة النضالية الأسير سامر العيساوي الذي خاض أطول معركة للأمعاء الخاوية في تاريخ البشرية-تسعة شهور- وهو من أنجب محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وعبد الرحيم محمود وفدوى طوقان،، وغسان كنفاني واميل حبيبي، وابراهيم نصرالله ومحمود شقير، واسماعيل شموط وهاني جوهرية، وريم تلحمي وريم البنا، ومحمد بكري وأحمد أبو سلعوم وحسام أبو عيشة وغيرهم، وهو الذي أنجب أيضا طائر الفينيق الفني محمد عساف، الذي انطلق من محارق قطاع غزة الذبيح الى بيروت، ليشارك في برنامج”أراب أيدول” الفني متخطيا حصار القطاع من العجم ومن العربان، حاملا رسالة فنّ وحبّ، يبثها بصوته الجميل ويرسمها بابتسامته العذبة، وينثرها بردا وسلاما على أقاليم تنطق العربية ولا تعلم ما يجري في عروس المدائن، وحاملا رسالة شعب عانى ولا يزال يعاني مفادها كما قال راحلنا العظيم محمود درويش”على هذه الأرض ما يستحق الحياة” وحاملا في قلبه كما قال جرمق فلسطين سميح القاسم”والذي في القلب… في القلب ومن جيل لجيل”.
ومحمد عسّاف الفتى الفلسطيني الذي أفرح القلوب بصوته الجميل وذوقه الرفيع، أثلج القلوب عندما حيّا والديه بقوله” يمّه ويابَه على راسي”فنسأل الله السلامة والفوز لك أيها العساف المبدع، وليحفظك الله لوالديك ولشعبك ولأمّتك، فالفنّ سلاح أيضا والفنّ مقاومة أيضا.
فصوتوا لمحمد عساف يا أبناء شعبي ويا أبناء أمّتي.
25-5-2013