القدس: 17-11-2022 من ديمة جمعة السمان- ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية قصة الأطفال “ميمي والصبي الأحدب”، للكاتبة فاطمة كيوان، إصدار دار الهدى للطباعة والنشر كريم، 2001، رسومات حسام الدندشي.
افتتحت النّقاش مديرة الندوة ديمة جمعة السمان فقالت:
تناولت القصّة عدّة قيم إنسانيّة ونصائح غير مباشرة للطفل، ووصفت واقعا يعيشه طلبة المدارس بشكل يوميّ في المدرسة. إذ أنّ المدرسة هي عبارة عن مجتمع مصغر للحياة، فيها الجميل والقبيح والقويّ والضّعيف والذّكي والغبيّ والمغرور والمتواضع والظّالم والمظلوم والمعاق والسّليم…إلخ من تنوع في الحياة، فكيف يتمّ تواصلهم مع بعضهم البعض؟ وكيف ممكن أن يتقبّلوا بعضهم البعض في ظل هذه الفروقات التي بينهم، والتي حتما ستشكّل لهم شخصيّات مختلفة.
عالجت قصة كيوان موضوع التّنمر، والذي ظهر في القصّة بصورة واضحة من قبل ميمي، الطفلة الموهوبة رائعة الجمال على زميلها الطفل الأحدب أحمد الذّكي الخلوق، صاحب الذاكرة الحديديّة، مما جعله محطّ إعجاب أساتذته، فهو المتفوق تكنولوجيا، يلجأ له أساتذته في حلّ بعض المشكلات التقنية في الأجهزة الإلكترونية المختلفة حين يعجزون عن حلها، فأطلق عليه زملاؤه لقب ” المخ”، ولكن حدبته تتسبب له بعدم توازن، فيحتاج إلى مساعدة في حمل الحقيبة من قبل زملائه في بعض الأحيان.
استغلّت ميمي نقطة ضعف أحمد وسخرت منه، بسبب ” الغيرة”، إذ لم تتقبّل أن يحصل أحمد على لقب ” المخ”. فهي المغرورة بجمالها وموهبتها في رقص الباليه. عايرته بحدبته، مما تسبّب له بجرح عميق داخل نفسه، فلعب زميله سنبل دورا حكيما في معالجة أزمته بعد أن رآه حزينا، وذكّره بنعمة الذكاء ورجاحة العقل والتفوق والابداع الذي منحه الله إياه، وساعده بتقبّل ما عنده من إعاقة، فهي حكمة من الله.
أمّا ميمي، فقد كان الكابوس الذي رأته بالمنام بمثابة الصفعة التي ردّتها إلى رشدها، إذ حلمت أن أحمد يرشّ على شعرها بعلبة الرّش السّحريّة، فيصطبغ شعرها بألوان مختلفة، ويتسبب بتجعيد شعرها، فيصورها الزملاء وينشرون صورتها على المواقع الاجتماعية المختلفة. وربما كان الكابوس ترجمة لشعورها بعذاب الضمير بسبب تصرفها غير الانسانيّ.
أفزعها الكابوس، وروته لوالدتها، ففهمت منها تفاصيل ما حصل في المدرسة، وسخريتها من أحمد.
أعجبني دور الأمّ التي أرشدتها وساعدتها على تعديل سلوكها. إذ لامت ابنتها، وطلبت منها الاعتذار لآحمد.
اقتنعت ميمي، وازداد شعورها بعذاب الضمير، ممّا جعلها تبادر وتتواصل مع أبناء صفها؛ ليفاجئوا أحمد بالاحتفال بعيد ميلاده. وكان هذا بمثابة رد الاعتبار لأحمد.
ولكن ما استغربته بأن زملاء الصّف لم يتصدوا لميمي عندما أهانت أحمد وعايرته بحدبته، على الرّغم أنّه محبوب وخلوق، وهم يتعاطفون معه، ويقدّمون له المساعدة في بعض الأحيان حين يحتاجها. فأين كان دورهم؟
وأعجبني في القصة أنّ الكاتبة وجّهت عدّة رسائل من خلال القصّة:
- دور الأهل بإرشاد أبنائهم وتوجيههم إلى تقبل الآخر، وإلى ضرورة الاعتذار عند ارتكابهم الأخطاء.
- زواج الأقارب يتسبب بالإعاقة للأبناء، وقد جاء هذا على لسان أحمد، الّذي كشف عن سبب إعاقته.
- أهمية دور الصديق في التخفيف عن صديقه في الأزمات.
قصّة جميلة ومؤثرة، يحتاجها أطفالنا، لأنها تعكس واقعهم.
وقال محمود شقير:
1
بلغة سردية جميلة ومع رسومات جميلة للفنان حسام الدندشي، وعن دار الهدى للنشر والتوزيع، تنشر الكاتبة فاطمة كيوان قصة للأطفال تحثهم فيها على الابتعاد عن سلوك التنمر والإساءة لغيرهم من الأطفال؛ وخصوصًا الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ميمي طفلة جميلة لكنها مصابة بآفة الغرور، وهي تسخر من زميلها أحمد الذي ولد بعاهة تجعله محدودب الظهر، وحين بادرته ميمي بالهزء من ظهره الأحدب بدا حزينًا ولم ينقذه من هذا الحزن سوى زميله سنبل الذي ذكّره بأن لديه ميزة تعوض النقص الذي ابتلي به؛ وهي ممثلة في قدراته الذهنية وفيما “يملكه من معلومات ثقافية وعلمية وتكولوجيه”.
هذا السلوك الحسن الذي مارسه سنبل أسهم في تخليص أحمد من حزنه، وجعله واثقا من نفسه منتبها إلى ما لديه من قدرات، ثم إن ميمي نفسها بعد حلم مزعج رأته في المنام؛ اكتشفت بنصح من أمّها وبمساعدة منها، خطأها تجاه أحمد، فبادرت إلى تغيير سلوكها تجاهه.
2
واضح مما سلف أن القصة تشتمل على نصائح تربوية لا غنى عنها للأطفال، كي يتجنبوا الوقوع في الخطأ ، وكي يكون سلوكهم تجاه غيرهم في الاتجاه الصحيح.
وبرغم ذلك؛ فإن لدي ملاحظتين على القصة؛ الأولى لها علاقة بالعنوان، ذلك أن التصريح بدءًا من العنوان بأن القصة تتحدث عن صبي أحدب؛ قد لا يكون مناسبا لنفسية هذا الطفل، وكان يمكن أن يكون العنوان على سبيل المثال: “ميمي وزميلها أحمد”؛ إذ من الإجحاف أن يظهر اسم ميمي في العنوان، وهي التي ارتكبت الخطأ، ويبقى اسم أحمد مجهولا في العنوان، ولا يجري تعريفه إلا من خلال عاهته.
الثانية؛ لها علاقة بالحوار الداخلي الذي أداره أحمد مع نفسه بعد تلقّيه إهانة من ميمي، ذلك أن معرفته الوافية بأسباب عاهته، وبأن زواج الأقارب هو السبب في هذه العاهة، قد يكون أكبر من وعيه، ما يجعلني أتوقع أن الكاتبة وضعت كلامها على لسانه، وكان يمكن أن تساق هذه المعلومات بطريقة مختلفة.
وقالت د.روز اليوسف شعبان
تعالج الكاتبة في قصتها ميمي والصبي الأحدب، نظرة الآخرين إلى الإنسان المعاق أو الذي لديه عاهة، وفي قصّتها هذه تعمل على ترسيخ قيمة تقبّل الآخر لدى الأطفال، واحترام شخصياتهم ونفسياتهم وعاهاتهم، فكلّ إنسان اختار له الله الأفضل له، وقد خصّه وميّزه عن الآخرين بقدرات خاصّة.
الشخصيات في القصة: تبرز في القصة عدّة شخصيات أهمها شخصيّتا الطفل أحمد والطفلة ميمي.
الطفل أحمد: يعاني أحمد من حُدبة على ظهره، جعلته حاني الظهر، ضامر البطن، فاختلّ توازن مشيته، وكان يحتاج أحيانا كثيرة إلى مساعدة زملائه في حمل حقيبته. لكن الله عوّضه بأن منحه ذاكرة حديديّة و ذكاء حادّا وخاصّة في مجال الحاسوب والتكنولوجيا، فكان مرجعا لزملائه وحتى لأساتذته فلقبوه “المخ”.
ميمي: هي فتاة جميلة شقراء، لها عينان زرقاوان، وشعر أشقر طويل، وهي فطنة ذكيّة تحبّ المرح، موهوبة ترقص الباليه وتغنّي، إلى ذلك فهي مغرورة ومتعالية تستهزئ أحيانا بالآخرين. شعرت ميمي بالغيرة من أحمد الذي حصل على إعجاب ومحبة جميع الطلاب والمعلّمين، فهزئت منه وقالت له:” هديتك محدودبة مثلك فأنت لا تتقن تغليفها، إنها مضحكة وغير متناسقة أيها المخ”. ص 12.
سنبل: هو زميل أحمد في الصف، تعاطف مع زميله حين هزئت منه ميمي وسخرت من هديته التي نعتتها بأنها تشبه حدبته. سنبل لحق بأحمد حين ترك زملاءه ودخل غرفة الصف باكيا. عندها واساه سنبل وقال له:” إن الله يختار لنا دائما ما هو أفضل لنا”. ص 17. أمسك سنبل بيد أحمد ورافقه إلى البيت وتناولا معا وجبة الغداء.
الأم: لعبت الأم دورا مركزيّا إيجابيّا في القصة، فبعد أن حلمت ميمي أن أحمد رشّ شعرها الأشقر بعدّة ألوان، فتجعّد وأصبح منظره بشعا، استيقظت مذعورة تبكي وتتفحص شعرها، واعترفت لوالدتها عما فعلته مع أحمد. لامت الأمّ ابنتها على تصرّفها مع أحمد وطلبت منها أن تعتذر له. فالأمّ هنا هي المربيّة والموجّهة لابنتها.
يلاحظ في القصّة تغييب دور المعلمة التربويّ في المساعدة في حلّ مشكلة أحمد، علمًا أن أحداث القصّة حدثت في المدرسة، وقد ظهر دورها فقط في مساعدة الطلاب في التحضير لحفل عيد ميلاد أحمد. حبّذا لو أتاحت الكاتبة للمعلمة فرصة التدخل بين الطلّاب والمساهمة في غرس قيم تقبّل الآخر واحترامه. فللمعلمة كما للأمّ وللأسرة دور هام في تربية الأطفال على القيم.
نهاية القصة: ترتّب ميمي بالاتفاق مع زملائها في الصف، حفل عيد ميلاد لأحمد بعد أن عرفت ذلك من خلال إشعار وصلها في الفيسبوك، فتفاجئه بهذا الحفل وتغني وترقص معه وتعتذر له أمام الجميع.
لغة القصة: جاءت اللغة سلسة سهلة قريبة من عالم الطفل، إلا أنها في بعض الأحيان بدت أكبر بكثير من وعي الطفل، فمثلا جواب سنبل لأحمد حين قال له، إن الله يختار لكل إنسان ما هو أفضل له، هذه اللغة وهذا الوعي لا يمكن لطفل أن يمتلكه، ومن هنا نرى تدخل الكاتبة في الحوار. كما استخدمت الكاتبة تعابير من عالم الطفل مثل: (بلي ستيشن)، فيسبوك. ولا بدّ من الإشارة هنا أنّه وفق القانون يمنع الأطفال من فتح حساب خاصّ بهم في الفيسبوك، ويخشى هنا من تشجيع الأطفال على استخدام الفيسبوك مما يشكّل خطرا عليهم. كما أنّ اللعب بلعبة (بلي ستيشن) غير محبّذة ، حبّذا لو اختارت الكاتبة لعبة أخرى.
الأسلوب: استخدمت الكاتبة أسلوب السرد والحوار، إضافة إلى حوارٍ داخليّ لأحمد، حيث حدّث نفسه عن عاهته قائلا:” لماذا خلقني الله بهذه الصورة؟ ما ذنبي في أنّ والديّ بينهما قرابة قويّة، وأنني ولدت هكذا نتيجة أحد الأمراض الوراثيّة التي تنتقل للأبناء عبر الأجيال؟ ولِمَ لم يخضع والداي للتحاليل الطبيّة قبل الزواج لتفادي ولادة أولاد مختلفين؟”. ص 14. ورغم جماليّة الحوار الداخليّ الذي يبيّن لنا الحالة النفسية لأحمد، إلا أنّ جزءا من هذا الحوار بدا أكبر من جيل أحمد ووعيه، مثل انتقال الأمراض الوراثية بالجينات، ووجوب خضوع الأزواج للتحاليل قبل الزواج، خاصّة إذا كانت هناك قرابة قويّة. وهنا يبدو واضحا تدخّل الكاتبة في الحوار.
القيم التربوية في القصة: تحتوي القصة على قيم جميلة ومهمّة لأطفالنا مثل: تقبّل الآخر، عدم الاستهزاء بالآخر، التواضع، التعاون، المحبّة، التسامح الاحترام والمساعدة .
الرسومات: الرسومات جميلة ومعبّرة إلا أنها أخذت حيّزا أكبر في الصفحات وجاء ذلك على حساب الكلمات، فبدت الفقرات صغيرة مما يصعّب ذلك على الطفل قراءة القصّة.
في الختام يمكن القول إنّ قصة ميمي والصبي الأحدب قصّة جميلة للأطفال تغرس في نفوسهم قيما تربوية هامّة.
وقالت دولت الجنيدي:
قصة جميلة كتبت بأسلوب سلس وجميل، وممكن أن تكون لليافعين والكبار أيضا؛ لأنها طرحت موضوعا مهما للكبار، وهو عمل التحاليل الطبية قبل الزواج؛
لتجنب بعض الأمراض الوراثية، مثلما حدث مع أحمد الطفل الأحدب أحد أبطال هذه القصة، وبطلتها الرئيسة هي ميمي الجميلة ذات العينين الزرقاوتين والشعر الأشقر الطويل، المرحة مع أصدقائها وصديقاتها في المدرسة، والموهوبة التي ترقص الباليه وتغني والتي يدعمها أهلها كثيرا. تعززت ثقتها بنفسها حتى أصبحت تشعر بالغرور والتعالي لدرجة الاستهزاء بالآخرين دون مراعاة مشاعرهم. وكانت دائمة الهرج والمرج والضحك من الآخرين، خاصة الطفل احمد الأحدب نتيجة خلل جيني، ولكنه خلوق ومهذب ويملك ذاكرة قوية جعله محط اعجاب المدرسين، وله حصة الأسد بمعرفته بمعلومات علمية ثقافية وتكنولوجية، ويساعد المعلمين حين تعترضهم مسألة تقنية من إصلاح ماكنة طباعة، حاسوب أو هاتف نقّال أو آيباد أو تابلت. ويساعد الطلاب في إيجاد تطبيقات جديدة على هواتفهم، لذلك لقب بالمخ. أثنى عليه المعلمون مما أثار حفيظة ميمي، وهَزِأت من شكله أمام الطلاب وهذا أحزنه كثيرا وجعله يفكر في نفسه وفي سبب حدبته، ولماذا لم يعمل والداه التحاليل الطبية قبل الزواج؛ ليتجنبوا ولادة أطفال يحملون أمراضا وراثية، لكن صديقه سنبل ربت على كتفه وواساه وقال له أن الله اختار له الأفضل، وعوضه برجاحة العقل والذكاء ومحبة الجميع له. ومدحه ودعمه ورافقه إلى بيته، وتناول معه وجبة الغذاء ولعب معه بليه ستيشن.
حلمت ميمي أن أحمد رش شعرها من علبة الرش التي كان يزيّن فيها الهدية وتَ،لوّن شعرها وصار منفوشا، وأنه صوّرها ونشر صورها على صفحات الفيسبوك، وأخذ اصدقاؤها يتناقلون الصورة ويكتبون التعليقات السخيفة عليها، فجن جنونها، فكيف تواجههم في المدرسة؟ وكيف لها أن تشترك في حفلة عيد الأمّ بهذه التشكيلة العجيبة من الألوان. ولكنها حين صحت من نومها هدّأت أمّها من روعها وطمأنتها بأنّن أحمد خلوق وحسن التربية، وهو لن يفعل شيء كهذا، وأخبرتها أنها يجب أن تعتذر له، وأنها ساءت التصرف معه، ويجب ان يحترم الناس بعضهم بعضا، وأن الله هو الذي خلق احمد بهذا الشكل. فأدركت خطأها، وأخذ ضميرها يؤنبها، وفكرت أن تعتذر لأحمد. انتظرت قدوم عيد ميلاده بعد يومين، واشتركت مع المعلمة والطلاب، ورتبوا له حفلة عيد ميلاد جميلة، وغنوا له واعتذرت له ميمي أمام الجميع، وشاركته الرقص، وقبل اعتذارها وتعاهدوا على المحبة والاحترام. واحتفلوا جميعا بعيد الأمّ وهم يرقصون ويغنون وسُرّت
بهم الأمّهات.
هذه القصة تدعو أوّلا على ضرورة عمل الأزواج تحليلات طبيه قبل الزواج، ليتجنبوا ولادة أطفال يحملون أمراض وراثية.
ثانيا: تعلم الأطفال حسن التعامل مع بعضهم البعض والإبتعاد عن الغرور والتنمر.
ثالثا: المعاملة اللطيفة لذوي الإحتياجات الخاصة.
ثالثا: دور الأهل خاصة الأمّ في تعديل سلوك البنات والبنين إذا لاحظت منهم أيّة أخطاء، وذلك بأسلوب ودّيّ، وعطف ومحبة؛ ليتقبلوا ذلك بإيجابية وتفهم. وتعليمهم الاعتذار عن أخطائهم.
رابعا دور الأطفال بالوقوف مع أصدقائهم وقت المحنة خاصة إذا تعرضوا لأذى نفسي أو معنوي.
خامسا: تعليم الأطفال أن الله هو خالق كل شيء وله في خلقه شؤون.
وقالت هناء عبيد:
التنمر على الآخرين أصبح ظاهرة اجتماعية واضحة، وخاصة في عصر التكنولوجيا الحديثة، الّتي ساعدت على نشر هذه الظاهرة بصورة أكبر. في هذه القصّة تتعرض الكاتبة فاطمة كيوان إلى هذه الظاهرة السّلبيّة من خلال الصّبي الأحدب أحمد.
تتحدّث القصّة عن ميمي وهي فتاة مغرورة تحمل من صفات الجمال الكثير، وهي أيضا متفوقة، وموهوبة في البالية، كما حصلت على اهتمام والديها، وهذا ما عزّز الغرور عندها، كثيرًا ما تهزأ ميمي بالآخرين وتهزأ بمشاعرهم، ومن الّذين طالهم هذا الاستهزاء الصّبي أحمد، الّذي ولد ولديه حدبة في ظهره جعلت ظهره مقوّسًا وبطنه ضامرًا، كما أدّت الى اختلال في توازن مشيته.
أحمد صبيّ يحتاج دومًا إلى المساعدة في جميع أمور حياته، فهو يحتاج إلى من يحمل له حقيبته ويساعده في كلّ النشاطات الّتي يقوم بها، وهو صبيّ ذكي فطن حظي على إعجاب جميع مدرسيه، وهو خلوق جدًا ولديه ذاكرة حديديّة قوية جدًا، كما أنّ أساتذته يستعينون به في أيّة مشكلة تقنيّة في وسائل التكنولوجيا لدرجة أن أسموه مخّ بسبب ذكائه.
هذا الأمر أثار حقد ميمي وغيرتها منه، فاستغلّت مناسبة عيد الأمّ للاستهزاء به، كان الطّلاب يستعدون للاحتفال بهذه المناسبة، فقاموا بتغليف الهدايا وتزيينها، وكان أحمد من ضمنهم، قامت ميمي بالاستهزاء من غلافه وسخرت منه قائلة، حتى هديتك محدوبة مثلك لا تتقن تغليفها، الأمر الذي أزعج أحمد وجعله حزينا، ودعاه للتوقف عن إكمال التغليف، هذا الأمر جلب السّعادة لميمي.
غضب أحمد وأصبح يحاور نفسه، ويبين حزنه الشّديد بسبب إعاقته، وألقى اللوم على والديه؛ لأنّهم أقارب ولم يجروا فحوصات الدّم اللازمة قبل الزّواج.
وكما في القصّة شخصيّة الشّرير،هناك شخصيّة الطّيب الّتي تمثلت في سنبل صديق أحمد الّذي سانده عندما رآه حزينًا، وأخبره ان الله يختار لنا الأفضل دومًا، وأشار له أنّه رغم حدبة ظهره إلا أنه ذكيّ جدًا، ومحبوب بين الجميع، بعدها ذهبا معا لتناول الغداء ولعبا البلي ستيشن.
حلمت ميمي في الليل أن أحمد رشّ شعرها بالألوان، ففقد شعرها صفاته الجميلة، ثمّ قام أحمد بعد ذلك بنشر صورها؛ ليهزأ بها الجميع، لكن أمهّا طمأنتها وأخبرتها أنّ أحمد صبيّ خلوق ولا يمكن أن يفعل ذلك، الحلم أيقظ ضمير ميمي، فاعتذرت لأحمد وحضّرت له مفاجأة في عيد ميلاده.
تنوعت الشّخصيات في القصّة وكان لذلك دوره المهمّ في تعزيز الأهداف الّتي أرادت أن توصلها الكاتبة للقرّاء.
فمثلاً ميمي الفتاة المغرورة المتنمّرة تمثل شريحة المتنتقدين للآخرين الّذين لا يراعون مشاعر غيرهم.
أحمد شخصيّة عنده إعاقة، إذ ولد بحدبة ظهر له وهذه الصفة جعلته موضعًا للتنمّر من قبل ميمي.
سنبل الشّخص الطّيب العاقل الّذي أوصل رسالة بأن الإنسان عليه تقبّل صفاته كما خلقها الله، فالله يختار لنا الأجمل دومًا.
أمّ ميمي الأمّ الواعية المتفهّمة الّتي أدت واجبها كما ينبغي للأمّ المسؤولة أن تكون، فالتربية أساسًا تأتي من البيت، لعلّ دورها في القصّة جاء متأخرًا، إذ كان من الأفضل أن توجه ابنتها منذ نعومة أظفارها، لكنّها في النّهاية كان لها توجيهاتها القيّمة السّامية.
لغة القصة مناسبة لمرحلة طلّاب الإعداديّة، جاءت سلسة متينة.
حملت القصّة رسالة تربويّة مهمّة وهي أن علينا تقبّل الآخرين بصفاتهم مهما كانوا ومهما اختلفوا، وأنّ على الإنسان تقبّل ما وهبه الله له، فالله يختار الأفضل للجميع.
أسلوب القصّ جاء سلسًا، الحبكة متقنة لكن كان من الممكن أن يتم اختيار حكاية أكثر إقناعًا من الحلم الّذي جعل ميمي تندم على فعلها، فماذا لو لم تحلم مثلًا بأن أحمد شوّه شعرها، هل كانت ستستمر بالاستهزاء من أحمد؟
الرّسومات جاءت جميلة ومناسبة، لكن تنسيق الكتابة مع الصّور كان مربكًا، ربما لو انفصلت الكتابة عن الرّسومات، وكان كل منهما في صفحات منفصلة لكان العرض أكثر وضوحًا.
الكاتبة عالجت موضوعا مهمّا وهو وجوب عدم التنمر على الآخرين، لكنها أثارت موضوعًا آخر وهو تحديدها لمعايير الجمال، فلماذا اختارت العيون الزرقاء والشعر الأشقر؟ هذا الأمر قد يرسّخ في ذهن الفتيات أنّ الألوان هي مبعث الجمال، فيسارعن في أقرب فرصة إلى صبغ شعورهن ووجوههن، واقتناء العدسات اللاصقة للحصول على العيون الملوّنة، وهذه من الأمور الّتي نحرص على عدم ترسيخها في ذهن هذا الجيل الّذي بات الجمال أحد أسس أحلامه، حبذا لو تم وصف ميمي بصفات أخرى بعيدا عن معايير الجمال وتحديد الملامح.
القصّة تربويّة هادفة، وهي قيمة تضاف إلى رفوف مكتبة الطّفل.
ومن لبنان كتب عفيف قاووق:
قصة ميمي والصّبيّ الأحدب قصة للأطفال، وبما انها موجهة لهذه الفئة العمرية، آثرت أن أُشرك حفيدي مجد وعمره عشر سنوات؛ كي أستأنس برأيه وإنطباعاته بعد قراءته لهذه القصة، وما دفعني لهذا هو أن القصة موجهة لفئة عمرية من القراء التي ينتسب إليها حفيدي مجد، أجد أن هذه الفئة هي الأولى والأجدر بتسجيل إنطباعاتها التي تكون أكثر صدقا وشفافية من إنطباعات قارىء راشد، يذهب إلى تشريح النص وإستنباط آراء لا يكون القارىء الطفل قد إرتقى بمستواه التربوي والتعليمي إلى فهم هذه الإستنباطات أو الوصول إليها.
بعد أن قرأ مجد هذه القصة سجل الملاحظات التالية :
- قدمت القصة الصّبي أحمد بأنه فتى خارق ،متمكن من التعامل مع أحدث الوسائل التكنلوجية والتطبيقات المتعلقة بها، لدرجة انه يتفوق على أساتذته وبقية الزملاء. مما يعني ان هذه الميزة تجعله متصالح مع ذاته ولديه الثقة الكاملة بقدراته وإمكانياته وهذا يجعله قادرا على مواجهة ما يعترضه من مصاعب.
- 2- ميمي الفتاة الجميلة المغرورة والتي تعيب على أحمد ان ظهره محدودب لم تواجه بأي ردة فعل من بقية زملاء صفها، وهذا يدل على أن هناك مشكلة أخلاقية لدى الجميع؛ لأنهم سكتوا عن إهانة ميمي لرفيقها أحمد، وهنا يسأل مجد لماذا لم تتدخل المعلمة وتوجه ملاحظة الى ميمي وتمنعها من التمادي في الإساءة؟ أليس هذا هو من واجبات المعلمة يسأل مجد؟
- في إيضاح السبب حول الحدبة التي ولد بها أحمد، وحسب معلومات أحمد أعادها إلى الزواج بين الأقارب ،وأن والديه تربطهما قرابة قوية تؤدي إلى أمراض وراثية، ويسأل الصّبي أحمد لماذا لم يقم والداه بإجراء التحاليل والفحوص الطبية اللازمة قبل الزواج؛ لتفادي ولادة أبناء مختلفين، هنا يتوقف حفيدي مجد؛ ليسأل ماذا يعني بالأمراض الوراثية، وما المقصود بزواج الأقارب والتحاليل الطبية؟ هذه الأسئلة جعلتني أسأل كيف عرف الصّبي أحمد كل هذه المعلومات الطبية والجينية التي لا تتناسب مع عمره المفترض، بمعنى أن هكذا معلومات لا يمكن ان تُلقّن للأطفال والصغار في أي منهج تربوي؛ لأن مثل هكذا معلومات قد تأتي لاحقا في فترة البلوغ أو المراهقة في أحسن الأحوال.
- 4- يقول مجد أن الرسوم التوضيحية الواردة في القصة توحي وكأن القصة موجهة للأطفال دون الخمس سنوات، بينما أحداثها تدل على أن الأولاد أكبر بكثير فالجميع لديه فايسبوك وأيباد وأيضا ألعاب البلاي ستيشن وغيرها. وبهذه النقطة أنا أوافق مجد على ملاحظته هذه.
ختاما أود القول أن الكتابة للأطفال دونها محاذير كثيرة، فهي تلزم الكاتب المواءمة بين الخيال وإيصال المعلومة أو العبرة بشكل مخفف، ويناسب مستوى الطفل، ومتوافقا مع قدرات الطفل الاستيعابية، ذلك أن ما نوجهه لطفل في عمر العشر سنوات لا يمكن أن يصل أو أن يكون مفهوما لطفل الخمس السنوات مثلا، والأطفال لديهم الجرأة على مفاجأتنا بطرح الأسئلة التي يريدونها ويصبح علينا الإجابة بحذر ودون أيّ لبس.
وكتبت هدى عثمان أبو غوش:
تحاول الكاتبة أن تطرح قضية احترام الآخرين وعدم التنمر وأهمية مراعاة مشاعر الآخرين وتقبلهم، وقد استعانت بحالة أحمد الذي يعاني من تشوه خلقي، والأحدب هو حالة مرضية ينحني فيها الجزء العلوي الخلفي من العمود الفقري بشكل مفرط.
و تم طرح مشكلة الأحدب من خلال علاقة الطفلة ميمي بالصبي أحمد، وذلك من خلال إذلاله في التحضيرات للاحتفال بيوم الأم، غضب الأحدب وفي النهاية تقوم ميمي بالاعتذار منه بعد حلم أزعجها وجعلها تشعر بالذنب، وثم يحتفلون بيوم ميلاده. اعتمدت الكاتبة على السرد والوصف والتعريف ببعض الشخصيات مثل ميمي وأحمد، وقد كان للأم مساهمة فعالة في مساندة ابنتها للخروج من أزمتها عن طريق إقناعها بالاعتذار.
وجدت من خلال قراءتي للقصة عدّة نقاط لا بدّ من الإشارة إليها، وبرأيي أنّ القصة تحتاج إلى تعديل. بداية جميل أن تطرحالكاتبة لمشكلة التنمر عند الأطفال لأهميته، وكيوان تحاول في كتاباتها أن تنشر الوعي عند الأطفال من الناحيتين الوطنية والإنسانية.
العنوان”ميمي والصبي الأحدب”هو بحدّ ذاته هو يؤكد على وجود مشكلة عند الصبي وقد تم نعته بالأحدب، حبذا لو استبدلت الكاتبة اسم ميمي بآخر، فهذا اسم الدلع،لم نعرف ما هو اسمها الحقيقي.
لا يوجد في القصة خيال، اعتمدت الكاتبة على السرد الواقعي بكل حذافيره،ممّا لا ينشط خيال الطفل،ويوسع فكره.
جاءت المفردات قريبة جدا إلى الحديث اليومي، بحيث لم يكتسب الطفل مفردات جديدة سوى معنى الأحدب.
لم يرق لي تصوير الكاتبة لحالة الأسرة المندمجة مع المسلسلات التلفزيونية وكأنه جميل، لا يوجد هنا ما هو تربوي للطفل، ولذا أجد هذا المشهد دخيلا على النّص.
وصفت الكاتبة كيوان جمال ميمي وحددته بالشعر الأشقر والعيون الزرق ،وتلك رسالة للطفل وإشارة أن الجمال ينحصر عند أصحاب تلك الصفات، لذا أجد أن ذلك غير تربوي.
جاء رّد صديق أحمد على مشاعر الأذى من قبل ميمي وشعوره با؛نقص لأنه خلق أحدبا بجملة غير مناسبة، وهو يواسيه وكأنه يقول له هذا نصيبك، ما العمل هكذا أراد الله؟ أما الجملة فهي”لا تبتئس فالله دائما حريص على أن يختار لنا الأفضل” بالإضافة إلى أن الجملة لا تناسب الوضع المحزن لأحمد، لأنه طفل ثائر بغضبه يحتاج إلى حلّ للحدّ من الإساءة إليه.
هناك جملة دخيلة على النص لعالم الطفل فيما يتعلّق بالتحاليل الطبية قبل الزواج.
تمّ تجاهل دور المدرسة في معالجة العنف اللفظي، وغياب أهل أحمد لمساندته على الأقل.
ردة فعل أصدقاء ميمي وزملاء أحمد لم يكن لهم أي ردة فعل أثناء إهانة أحمد من قبل ميمي، هو دور الصامت عدا صديقه سنبل فيما بعد، لكن دوره كان فقط تعزيز قدرات وأهمية أحمد، لذا شعرت أن أحمد ما زال وحيدا أمام مشاعره، أو بالأصح عليه أن يكبت مشاعره.
اللعب بالألعاب الإلكترونية، يذهب الصديقان أحمد وسنبل ليلعبا “بالبلي ستيشن”، هذا التوجه غير تربوي وهو شائع عند الأطفال، حبذا لو اختارت طريقة أخرى تربوية تشجع الابتعاد عن تلك الألعاب، كلعب كرة القدم أو الرسم للتعبير عن حالته الخ.
وكتبت فوز فرنسيس:
ذكرت الكاتبة في قصتها وفي بداية القصة صفحة 4، بعض الصفات كالثقة بالنفس، الغرور، التعالي، الاستهزاء وعدم مراعاة المشاعر . هذه المشاعر التي يمكن أن يتم التطرق إليها أثناء الحوار حول القصة والعمل عليها مع الطلاب.
تطرّقت الكاتبة لبعض المشاكل الاجتماعية كالتنمّر الكلامي، والتنمّر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك تحدثت القصة عن مشكلة زواج الأقارب والإعاقات الجسدية والعقلية التي من الممكن أن تنتقل بالوراثة، ومدى تأثير هذه الظاهرة على احمد ومشاعره وتساؤلاته حيث بات يلوم والديه على زواجهما وعدم قيامهما بالتحاليل الطبية قبل الزواج. مشكلة من مشاكل المجتمع القائمة حتى يومنا، لم أقرأ في قصة للصغار من قبل عن التطرق لهذه الظاهرة كما ذكرتها كاتبتنا.
عرّجت الكاتبة أيضا على مناسبات اجتماعية مثل عيد الأم والاحتفال بهذه المناسبة الهامة في المدرسة من قبل الطلاب وبحضور الأهل.
أعجبني استخدام الحلم في القصة حتى لو كان مزعجا في هذه الحالة، والذي من خلاله فهمت ميمي خطأها وتصرّفها غير اللائق تجاه أحمد الذكي والنابغة، والذي لقّب بـِ ” المخ” في المدرسة لبراعته في أمور عديدة. بالحلم رأت أحمد يسيء لها ولشعرها الذهبي الذي تتباهى به، فتستيقظ مذعورة وتفهم من خلال حوارها مع والدتها مدى الإساءة التي سبّبتها لزميلها. هذا الحلم كان سببا في التفكير بطريقة للاعتذار، فكان نتيجته أن خطّطت ميمي للاحتفال بعيد ميلاد أحمد والاعتذار منه. أهمية الاعتذار بعد الإساءة هو أيضا من القيم الهامة التي يمكن تعلّمها من القصة، ” ميمي” بطلة القصة التي كانت تهزأ من زميلها في الصف ” أحمد ” والذي عاني من احديداب في ظهره، إلى أن فهمت أنها أخطأت بحقّه، فاعتذرت بأن بادرت بالاحتفال بعيد ميلاده مع طلاب الصف.
بقي أن أشير إلى أن لغة القصة لغة جميلة بتعابيرها وتشبيهاتها، والثروة اللغوية المستخدمة التي تعجّ بها صفحات القصة، وبالتالي تغني قارئها.
وقالت رفيقة عثمان:
تناولت القصّة بعض الأهداف التربويّة الهامّة؛ لإكسابها للأطفال، منذ جيل الطّفولة، مثل: ظهور بعض ظواهر التّنمر بين الأطفال، ومعالجتها بالأساليب الصحيحة. كما اشتملت القصّة على أهداف تربويّة أخرى كالتعاون والعمل الجماعي بين الأطفال، والمبادرة نحو الإنجاز، والتعاطف والشّعور مع الغير، ومراعاة أوضاعه من تشوّه خلقي، والاختلاف عن الآخرين؛ وإكساب القدرة على تقبّل الآخرين مهما اختلفوا عن العاديين.
عالجت الكاتبة قضيّة التّنمر (عندما نعتت ميمي بهديّة أحمد، بأنّها محدودبة مثله)؛ ووجدت ميمي بأن أحمد انتقم منها؛ برش الألوان على شعرها، وأصبحت بصورة بشعة، وغير مقبولة؛ وذلك عن طريق الحُلم. الحلم أيقظ ضميرها، وأقنعها بالاعتذار.
إنّ تناول موضوع التّنمّر هام جدّافي حياتنا، وخاصّة عند انتشار هذه الظاهرة في مجتمعنا العربي؛ لا بدّ من نشر قصص مماثلة؛ لمعاجة الموضوع من جذوره، قبل أن يتحوّل إلى عنف شديد.
في هذه القصّة، أودّ أن أُنوّه لبعض النقاط الهامّة تربويّا، والتي أخفقت بكتبابتها الكاتبة كيوان.
بداية، إنّ اختيار العنوان “ميمي والصّبي الأحدب”، يُعتبر كنية الطّفل بالأحدب، وهذا بحدّ ذاته، بداية غير تربويّة، نظرا لأنها تسمح للأطفال باستخدام هذه الكنية بصورة شرعيّة، لأنّها مستخدمة في القصّة؛ بالطّبع هذا يُعتبر “تنابز بالألقاب”ويُكسِب الأطفال التّصوّر المُسبق –
.preconception
النقطة الثّانية، عندما وصفت الكاتبة، الطفلة ميمي بصفات حميدة جدّا، مثل: الذّكاء والفطنة، وذات موهب بالغناء والرّقص، محبوبة لدى الجميع، وجميلة، الخ ، إلّا أن ما يلفت الإنتباه إليه “هو دعم الوالدين لها ممّا عزّز الثقة بنفسها، ومنحها الشعور بالغرور والتّعالي، لدرجة الاستهزاء بالآخرين وعدم مراعاتهم” في الصفحة الثّالثة. هنا يوجد هدم لدعم الوالدين، لا بدّ من نتيجة إيجابيّة لهذا الدعم، وليست نتيجة سلبية في تربية الأبناء. ربّما لو كان الغرور تقليدًا، أو تجربة ذاتية تمر بها الطّفلة، وليست ثمرة تربية داعمة للزالدين.
النقطة الثّالثة، كما ورد صفحة 14 رسالة عن طريق الصّبي أحمد ( الأحدب) مثل: “لماذا خلقني الله بهذه الصّورة؟ ما ذنبي في أنّ والدي بينهما قرابة قويّة؛ وأنّني وُلدت نتيجة أحد الأمراض الوراثيّة، الّتي تنتقل للأبناء عبر الأجيال” ” ولم لم يخضع والداي للتحاليل الطبيّة قبل الزّواج؛ لتفادي ولادة أولاد مختلفين؟“. في هذا النص يبدو لي بأنّه ليس مناسبا بتاتا بأن يصدرعن صوت الطفل نفسه، وهذا القول لا يُعتبر تربويّا، بإقحام الأطفال في شؤون الآباء، وتأنيب الأهل على نتيجة ولادة لأطفال مشوّهين خلقيّا، أو ذوي احتياجات خاصّة ربّما تصلُح هذه العبارات نصيحة للأزواج، ضمن حلقات خاصّة، يُشرف عليها أخصّائيّون؛ لإرشادهم الصحيح في هذا المجال، دون إقحام الأطفال، وجلد ذاتهم وتأنيب آبائهم.
ومن الأجدر أن تكسب قيمة تقبّل الذّات قبل تقبّل الآخرين، وإكساب الشّعور بالرّضى والقناعة، على ما خلقه الله سبحانه وتعالى.
ورد تشجيع أحد الأصدقاء بمواساة أحمد المُكنّى بالأحدب، عندما قال له: “يكفيك فخرًا بأنّ الله منحك الذّكاء، والمعرفة، والمُخ، الذّاكرة الحادّة والقويّة، وحب الآخرين” صفحة 17 وما إلى ذلك؛ هنا قام الطفل المساند بدلا من دور المُعلّمة المُغيّبة، والّتي من الواجب ظهوهرها، وإبراز الصّفات الإيجابيّة عند الطّفل أحمد، أمام الأطفال الآخرين؛ سيكون له تأثير كبير في نفوس الأطفال.
تحلّت اللّغة بلغة فصحى صحيحة وسلسة، تكاد تخلو من اللّهجة العاميّة.
التصميم الفنّي للقصّة، يبدو الخط صغيرا مقارنة مع الرّسومات، الّتي تبدو كبيرة وواضحة.
خلاصة القول: الاهتمام بكتابة حول التنمّر والعنف بكافّة أشكاله، هام جدّا؛ ويُشترط معالجته بحكمة وذكاء، تبعًا للنظريّات التربويّة المسموح بها.
وقالت مريم حمد:
قصة ميمي والصبي الأحدب قصة بسيطة غير معقدة، تناسب الأطفال، فكرتها بسيطة تهدف إلى نبذ التنمر في وسط الأطفال، عن طريق عرض أحداث القصة التي تدور حول طفلة ذكية ذات شعر أشقر وعينين زرقاوتين، لكنها كانت مستهزئة بزميلها في المدرسة بسبب حدب في ظهره، رغم أنه ذكي ومجتهد. لكن ميمي تشعر بالذنب وتحسن من سلوكها تجاه زميلها وتحاول أن تسعده.
القصة واضحة بالفكرة تعالج قضية اجتماعية في المدارس ولغتها سهلة وبسيطة، مناسبة غير معقدة بالنسبة لجيل الأطفال، تحتوي على مكونات القصة الكاملة، استطاعت الكاتبة من خلالها إثارة قضية اجتماعية، وعالجت هذه القضية بطريقة سهلة وبسيطة للأطفال.
من ميزات القصة الجيدة في أدب الأطفال أن تحتوي على عدة عناصر مختلفة لتلائم الذكاءات المختلفة عند الأطفال، بالإضافة للفكرة الأساسية التي تهدف لها القصة بشكل عام، ويكون ذلك ليس من خلال القصة وكلماتها فقط، ولكن من خلال الإبداع بالرسومات التي تسهم بشكل كبير؛ لتوضيح معان وأفكار وتكون مكملة لمكونات القصة.
فالقصة الجاذبة والهادفة يكون فيها تناغم بين محتواها اللغوي ورسوماتها، وقد تسهم الرسومات بإيصال أفكار لم تستطع الكلمات إيصالها بالشكل الكافي.
أما إذا ما حاولنا توزيع مكونات القصة وحللناها حسب مبدأ الذكاءات المتعددة فيمكن أن نلخصها كالتالي:
من ناحية الذكاء الاجتماعي وهو القدرة على إدراك أمزجة الآخرين ومقاصدهم، ودوافعهم، ومشاعرهم، والتمييز بينها، ويضم هذا النوع الحساسية للتعبيرات الوجهية، والصوت، والإيماءات، والقدرة على الاستجابة بفاعلية للتلميحات، والقدرة على التعرف على مزاج فهم مشاعر الآخرين، إقناع الآخرين وتعليمهم أشياء مفيدة، مشاركة الزملاء، المحاكاة. وقد استطاعت الكاتبة من خلال القصة إثارة مشاعر وأحاسيس مختلفة من عالم الطفولة لتعالج مشكلة التنمر بين الرفاق ونجت بذلك؟
الذكاء الشخصي: ويشمل معرفة الذات، والقدرة على التصرف توافقيًا على أساس تلك المعرفة. واستطاعت ميمي أن تدرك شيئا يخص ذاتها، وهو أن الجمال والشكل الخارجي ليس مهما في بناء علاقات مع الزملاء، وبالتالي حاولت تغيير تصرفاتها.
من المفضل ألا نحدد الجمال بمقاييس الشقار والعيون الزرقاء، لأن هذا الأمر يثير مشكلة اجتماعية أخرى خاصة أن القصة بتركيبها تعالج جوانب اجتماعية.
من ناحية الذكاء اللغوي: وهو القدرة على استخدام الكلمات لفظيًا بفاعلية، ويضم هذا الذكاء القدرة على تحليل المعلومات، ومعالجة بناء اللغة، ومعانيها، والكتابة في الأعمال الكتابية، حفظ القصائد والأناش،يد والشعر، والقصة فيها من المفردات اللغوية التي تفيد الطفل وتثري قاموسه اللغوي جاءت كلمات القصة واضحة بتسلسل وقريبة من عالم الطفل، حيث اشتملت على كلمات من عالمه وأحداث تلائم الواقع التكنلوجي الذي يعيشه الطفل اليوم.
الذكاء المنطقي الرياضي: وهو قدرة الفرد على استخدام الأعداد بفاعلية، والقدرة على اكتشاف الأنماط، والتفكير الاستنباطي، والتفكير المنطقي، وإجراء الحسابات، وحل المشكلات المجردة، طرح الأسئلة السقراطية، والقصة هنا جاءت اجتماعية بحتة، لم تثر التفكير المنطقي الذي قد يكون من خلال الرسومات، وليس شرطا من المفردات، فالقصة في عالم الأطفال تتكون من جانبين مهمين وهما اللغة والرسومات والألون التي تثير اهتمام الطفل وخياله.
الذكاء المكاني: وهو القدرة على إدراك العالَم البصري المكاني بدقة، ويتضمن هذا الذكاء الحساسية للون، والخط، والشكل، والطبيعة، كما يضم القدرة على التصوير البصري، وقد أثارت القصة بدرجة معينة من خلال الرسومات والألوان هذا الجانب، لكن باعتقادي أن الرسومات عادية لا تثير الخيال أو الاستمتاع بتدرجات الألوان والأبعاد بطريقة لافتة وواضحة، بحيث تستثير هذه الحس من الذكاء لدى الأطفال.
الذكاء الحركي الجسدي يتميز أصحاب هذا الذكاء بأنهم يستخدمون جسدهم ككل للتعبير عن الأفكار والمشاعر، ويتضمن هذا الذكاء مهارات فيزيقية نوعية أو محددة كالتآزر، التوازن، القوة، المرونة، السرعة، والإحساس بحركة الجسم ووضعه ويكون بتقليد حركات وأوضاع من القصة، وممكن أن يتم استغلال الصفحات، التي أقام بها الأطفال الحفلة؛ لنثر بعض الكلمات الجديدة التي تخص مثل هذه المناسبة وعدم الاكتفاء ب “هابي بيرثدي”.
الذكاء الموسيقي ويشمل القدرة على إدراك الصيغ الموسيقية كالموسيقي، والتعبير عنها، وهذا الذكاء يضم الحساسية للقافية والشعر والأوزان والألحان في اللغة للإيقاع والطبقة، واللحن، والجرس، ولون النغمة، ويمكن تعزيز ذلك من خلال السجع في الكلمات والدندنة الذاتية وترديد الأغاني. وقد جاءت كلمات ومفردات القصة بلغة إنشائية تخلو من السجع التي قد تثير وتستفز الحس الموسيقي اللغوي لدى الطفل.
الذكاء الطبيعي يشير إلى القدرة على التعرف والتمييز بين الأنواع المختلفة من النباتات والحيوانات، وتكوينات الطقس الموجودة في العالم الطبيعي. وردت بعض المشاهد الطبيعية ص 16 و 17 وأيضا ص 22و 23 لنباتات، وهذا جانب يضيف جمالية للقصة.
الذكاء الوجودي وهو يتضمن القدرة على التأمل في المشكلات الأساسية كالحياة والموت والأبدية، وقد تطرقت القصة لهذا الجانب بطريقة غير مباشرة حين تناولت فكرة خلق الإنسان والشكل الذي يبدو عليه كل شخص مختلف، وله مزايا خاصة تميزه عن الآخرين ويجب أن يستغل كل شخص هذه المزايا للخير والعطاء.