تساقط الأمطار في هيوستن صيفا ظاهرة طبيعيّة مألوفة، أمطار دافئة تنزل بشكل مفاجئ، لكنّ المخيف هو العواصف الماطرة التي تحذّر منها دائرة الأرصاد الجوّيّة، والدّفاع المدنيّ، فهي تحمل أمطارا غير متوقّعة…تغرق الشّوارع في دقائق معدودة…تأتي الغيوم السّوداء المحمّلة بالأمطار وتلقي بحمولتها كما فيضان الأنهار، ورغم البنية التّحتيّة المتقنة، واتّساع المجاري، إلا أنّها لا تستوعب غزارة وكمّيّات الأمطار الكبيرة… وفي هيوستن قناة مائية ضخمة، عرضها يزيد على العشرين مترا، وعمقها يزيد عن ذلك…تخترق المدينة من غربها إلى شرقها…وعندما تغزو العاواصف الماطرة المدينة فان هذا القناة قد تفيض أيضا لعدم قدرتها على استيعاب هذه الأمطار…أمّا العواصف المدمّرة فتصاحبها رياح وأمطار عاتية، سرعة الرّياح قد تتجاوز المئة وعشرين ميلا في السّاعة، وهي قادرة على اقتلاع الأشجار وحتى بعض البيوت، وقد تحمل السّيارات وتسوقها معها…وتدمّر خطوط الماء والكهرباء والهاتف….والأرصاد الجوّية الأمريكية ترصد العواصف قبل وصولها للأماكن المأهولة بأيّام، وتحذّر المواطنين منها.
قبل وصولنا هيوستن بحوالي ثلاثة أسابيع ضربت عاصفة ماطرة المدينة، وأوقعت خسائر بشرية ومادّيّة، وتسبّبت بقطع الماء والكهرباء والهواتف عن حارات بكاملها، لكن استعدادات السلطات المحليّة كبيرة، فهي تعيد اصلاح ما دمّر بسرعة فائقة.
مساء الاثنين ١٥ ـ حزيران أعلنت وسائل الاعلام عن عاصفة ماطرة ستضرب هيوستن خلال الاربع وعشرين ساعة القادمة…فاتّخذ ابن العمّ محمد موسى اجراءاته الاحتياطية بتموين يكفي لأسبوع…واصطحبنا إلى مطعم فاخر لتناول العشاء قبل وصول العاصفة…كان النّاس يصطفون في محلات السوبر ماركت والمخابز ليحتاطوا على مؤونة تكفيهم حتى انقشاع العاصفة….التزموا بيوتهم وكادت الشّوارع تكون خالية ،تساقطت أمطار عاديّة تلك الليلة ونهار اليوم التّالي..أمضيت يومي أنا وزوجتي في القراءة والكتابة، وكانت فرصة لي كي أواصل الكتابة عن انطباعاتي عمّا شاهدته في هيوستن، وكتابة أشياء أخرى. كان ابن العمّ قلقا علينا ودائم السّؤال عنّا…في المساء أعدّ لنا هو وزوجته وجبة شواء في بيته. بعدها أعلنت دائرة الأرصاد الجوّيّة والسلطات المحليّة أنّ العاصفة انحرفت إلى ضواحي هيوستن…وأنّها لن تضرب المدينة…محطّات التلفزة واصلت بثّها تغطّي الأماكن التي ضربتها العاصفة وما
ينتج عنها من أضرار. فهل جاء انحراف العاصفة عن مسارها استجابة لدعوات ابن العمّ الذي ردّد كثيرا:”الله لا يورّيكم إيّاها”؟
17_6_2015