القدس: 20-12-2018 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس رواية الوشاح الأسود للكاتب محمد هاني أبو زياد .
تقع الرواية الصادرة عن دار إيلياحور للنّشر والتّوزيع في القدس في ٣٤٠ صفحة من القطع المتوسط، قدّم لها الشاعر مهند ذويب وصمّم غلافها ورسوماتها صالح أكرم، ودققها لغويا حسن أبو دية وكتب الأشعار التي وردت فيها عفاف ماهر.
افتتح النقاش مديرة الندوة
ديمة جمعة السّمان.
وقالت رفيقة عثمان:
نسج الكاتب روايته في سرد أدبي لوقائع اجتماعية، تحت نوع أدب الروايات البوليسة، ومغامرات البحث عن الحقيقة، وحل الألغاز؛ للوصول الى الحقيقة، وتعتبر الروايات البوليسية باللغة العربية نادرة جدا.
اختار الكاتب عمّان، لتكون مسرحا لمجريات الأحداث فيها، حول عائلة فلسطينية هاجرت واستقرت في عمّان. خلاصة الرواية: صديقان الأجزع والأخطل، الأجزع لديه زوجة وبنتان، تعاهد الصديقان على الوفاء لبعضهما البعض. كان الأجزع تاجرا صاحب أملاك، تنكر له ابن عمه يوسف الأبتر. عمل الأخطل محققا خاصا في فلسطين. هاجرت عائلة الأجزع الى عمّان عام 1987، بعد انتفاضة فلسطين الأولى، مات الأجزع بنوبة قلبية، فأصبحوا جيران كاميليا، عشيقة الأخطل. سافر الأخطل للبحث عن عائلة الأجزع، وزيارة كاميليا في عمّان. دارت الأحداث في بيت عالية عائلة الأجزع؛ حيث تعرضت الفتاتان للخطف والاغتصاب؛ اهتم الأخطل بمساعدة الفتاتين، وإنقاذهما؛ والتّوصل الى حقيقة المجرم مخطط الجريمتين.
لم يكن اختيار الكاتب للأردن كمكان؛ لسير مجريات الأحداث صدفة. بل كان بسبب قانون 308 الذي يجيز للمغتصِب الزواج من المغتَصَبة الضحية؛ ويعفيه من العقاب، إذأن الاردن ما زالت متمسكة بهذا القانون، ولم تتنازل عنه حتى عصرنا هذا.
نجح الكاتب في سرد روايته التي احتوت على ثلاث مئة وأربعين صفحة من القطع الكبير بأسلوب مشوق، في تسلسل الأحداث؛ والمفاجآت في الأحداث، والمشاكل المتلاحقة التي بحاجة إلى حلول.
لعبت شخصية الأخطل أو البنغازي، والملقب بصاحب الوشاح الأسود، دورا ريئسيا في الرواية؛ حيث عمل محققا سريا يعمل لنفسه، وليس بصفة رسمية؛ عندما زار عمان، قام بالبحث عن الجناة في جريمة اختطاف واغتصاب الأختين التوأم: لمياء وليلى؛ بنات صديقه الأجزع. استطاع بحنكته وذكائه التوصل إلى حلّ الغموض والألغاز الكلامية التي التفت حول الجريمتين. جعل الكاتب اكتشاف الجناة بعد وقوع الاغتصاب للفتاتين، كان من المتوقع لصاحب الوشاح الأسود أن ينقذ الفتاتين قبل الاغتصاب، إلا أن الكاتب جعل الجريمة مكتملة.
اختار الكاتب عنوان الوشاح الأسود، أسوة باستخدام الأخطل الوشاح الأسود؛ الذي اهتم بتغطية نصف وجهه الأيمن، نظرا لوجود تشوّه في وجهه، وكان الأخطل بطلا محوريا في الرواية.
الملفت للانتباه بأن الكاتب جعل المفاجآت غير المتوقعة؛ كاكتشاف المجرم المخطط لعملية الاختطاف والاغتصاب؛ حيث كان من أقرب الناس للفتاتين؛ ألا وهو السيد عمران، جار عائلة الأجزع في عمان؛وابن عم الأجزع أبي الفتاتين؛ واكتشفه الأخطل صاحب الوشاح الأسود في نهاية الرواية.
التخطيط لعملية الاختطاف والاغتصاب، جاءت بعد تخطيط للزواج من الفتاتين للشابين يزن ورشاد الأبكم؛ لأن القانون الأردني يعفي المجرم من العقاب، إذا الجاني تزوج الضحية. تعتبر هذه النقطة مهمة جدا، لتوجيه الأنظار نحو قانون مجحف بحق النساء، ويكافأ فيه المُغتصب، بزواجه من الضحية، بدلا من إنزال اقسى العقوبات عليه؛ كي لا يكون الاغتصاب ذريعة لزواج الفاسدين، تحت بند القانون المشرع في الأردن بالذات؛ كما ورد صفحة 224 ” إذا تزوج المغتصِب من المغتصَبة، تسقط التهمة عن المغتصب”. بموجب قانون 308 صفحة 223. في رأيي هذه هي الفكرة المركزية للرواية؛ لتكون عبرة، وتوجيه الفكر نحو هذا القانون غير العادل، ويضع الكاتب الحكم للقارئ بعد فهم نتائج إصدار قانون كهذا.
أخفق الكاتب في وضع النهاية للرواية، بعد أن اكتشف الأخطل المجرم، وهو كان معروفا لدى الأخطل؛ بأنه صاحب سوابق وقتل، ومتنافس دائم مع الأخطل قبل أن يغادرا فلسطين. أنهى الكاتب الرواية بمساعدة المجرم يوسف الابتر، المدعو السيد عمران بعد استقراره في عمان وتغيير هيئته؛ بمساعدته في الهروب الى دولة عربية أخرى؛ كي تلحق به عائلته، وقدم اعتذاره للفتاتين ولأمّهما عالية. يبدو لي هذه النهاية غير مقبولة بتاتا، لا بد للمجرم أن ينال عقابه أينما كان، ومهما كان مركزه الاجتماعي، ولا تساهل أو تسامح في جريمة نكراء كالتي حصلت في الرواية. في هذه الرواية البوليسية قدم الكاتب التسامح للمجرم، على عكس ما يلقاه المجرم من عقاب يستحقه، كما في الروايات البوليسية الأجنبية. أمر لا يتقبله العقل البشري، في كل جريمة يجب أن يقع العقاب؛ لردع المجرمين، وعدم تفشي الفساد في المجتمع، لا أفهم لماذا تساهل الكاتب في طرح العقاب اللازم وتواطأ مع المجرم الحقيقي لهذه الدرجة. هذه القضية تثير جدلا هاما، ونقدا لاذعا بحق الكاتب؛ الذي وجد حلا سهلا لنهاية الرواية؛ لماذا هذا الخوف ؟ متى يصبح الجاني ضحية، وتصبح الضحية هي الجاني. تساؤلات عديدة تثير الشك والتساؤلات، لا بد للكاتب أن يقترح الحلول المعقولة؛ لتغيير أنماط سلوكية غير مرغوبة في المجتمع، ليس فقط إثارة الموضوع بالتسامح، في هذه القضايا بالذات لا تسامح فيها، من الواجب أن تقوم ثورة غضب على القانون المجحف بحق النساء، بل وتغييره من قبل المجتمع، وخاصّة الجمعيات النسائية في الأردن.
على الرغم من أسلوب التشويق في الرواية، إلا أن الكاتب لم يراعِ قضية الاعتداء الجنسي، بطريقة موضوعية تليق بالذنب الكبير؛ لتعالج مشكلة مهمة في المجتمع العربي بشكل خاص.
اعتمد الكاتب على كتابة المذكرات في كتابة نصوص السرد الروائي، وهذا الأسلوب منح الكاتب القدرة على إمكانية تحريك الشخصيات، الحوار المتبادل في الرواية؛ وكان الرواة هم الأبطال مع عدم تدخل الراوي نفسه في مجريات الأحداث؛ إلا أنه ورد في المذكرات التباس بالصفحات، في تقديم الأحداث والتواريخ الملحقة؛ وتأخير الأحداث والتواريخ السابقة؛ هذا بالإضافة لوجود تكرار في عبارات وفقرات بالخطأ كما ورد في الصفحات الأولى. أريد أن أنوّه أيضا الى وجود بعض الأخطاء اللغوية والنحوية، والتي كان بالإمكان تفاديها، وكان من المفروض مراجعة النصوص قبل نشرها.
خلاصة القول: تناول الكاتب موضوعا اجتماعيا هاما، خاصة قانون 308 الذي يقر بتزويج المغتصب من الضحية في الأردن، وهذا القانون بحاجة إلى إعادة نظر من قبل الحكومة الأردنية؛ وإقرار العدالة الاجتاعية، وإنصاف حقوق المرأة.
تميّز الكاتب باستخدام أسلوب التشويق والحبكات المتكررة، والمفاجآت، في لغة سلسة وسهلة، بأسلوب التراجع بالذكريات.
وقال مهند الصبّاح:
غياب الصدق الفني في رواية الوشاح الأسود
هذا المنتج يحمل على غلافه عنوان ” رواية” وهذا ما يجعلنا نتعامل معها كرواية على الرغم من كونها لم تكتب حسب النمط الروائي البحت والمتعارف عليه. جلّلت الروح البوليسيّة أحداث معينّة من الرواية التي اعتمدت على الحبكة المركبة، إلا أنّ معظم أحداثها الأخرى كانت حشوا فائضا عن الحاجة، بالإضافة لعدم التناسق بين الأحداث أو ما يمكن تسميته بالصدق الفني.
الرواية البوليسيّة هي رواية تهتم بتفاصيل الأحداث التي من خلالها يستطيع المحقق السريّ كشف الحقيقة أو اللغز، واللغز في هذه الرواية ( اختطاف لمياء وليلى ) لم يكن مقنعا من حيث الخطوات التي قادت إلى حادثة الخطف. من المعروف أنّ الكاتب يجيد الخيال ومع ذلك فهو يكتب بصدق يستطيع من خلاله إقناع القارئ بتسلسل الأحداث. وهنا أود تناول بعضا ممّا لفت انتباهي كقارئ وكقارئ فقط.
أولا: المكان
تدور أحداث الرواية في كل من القدس- اللد- حيفا والعاصمة الأردنية عمّان. تناول الكاتب مدينة القدس تناولا خلا من الوصف كما فعل بنظيرتها عمّان والمدرّج الروماني. عدا عن وصف وحيد وهو حين ذكر هروب الأخطل والأجزع إلى إحدى أحراش المدينة، وبما أنني ابن القدس فأعتقد أنهما هربا إلى إحدى أحراش الأديرة. ومن خلال ذكريات الأخطل والأجزع في القدس خيّل إليّ كأنّها مدينة تعجّ بالإجرام والمجرمين.
ثانيا: الزمان
الزمان في الرواية منقسم إلى قسمين، الأول في القدس عام (1986)، وهنا يتوجّب التوقف قليلا عند هذا الزمان ونمط الحياة في مدينة القدس، من المعروف أنّ نمط الحياة في تلك الفترة في المدينة قبيل الانتفاضة الأولى كان قرويّا بعض الشيء، وأنّ اقتصادها كان يعتمد على السياحة، ولا وجود لتجّار كبار كأمثال الأجزع الذي امتهن التهريب من ميناء حيفا، والذي هو أيضا شريان التجارة شبه الوحيد لدولة الاحتلال في تلك الفترة، فكيف لدولة تتخذ من الأمن شعارا لها أن تترك شريان حياتها – ميناء حيفا – دون مراقبة أمنيّة كما تكشف أحداث المواجهة التي حصلت بين الأجزع وصديقه الأخطل وخصمهما يوسف الأبتر؟
أمّا الزمان الثاني والمتعلق بمدينة عمّان فهو على ما أعتقد كان عام (2001) كيف؟
غادرت عائلة بنات جبريل الضفة عام 1987 وكانت عالية بعمر 38، وعملت كمدرسة حتى بلغت عمر 52، أي عملت 14 عاما، والعائلة غادرت الضفة كما قال الكاتب 1987 + 14 إذن جرت أحداث الرواية في شقّها الثاني في مدينة عمّان عام ( 2001). وفي تلك الفترة الزمنيّة لم تكن عمّان لتشهد نزوحا عربيّا كبيرا كما وصف الكاتب. إشارة أخرى يذكر الكاتب أنّ الأمّ عالية تركت عملها؛ لتجلس مع فتاتيها اللتين بلغتا من العمر ما يزيد عن العشرين، إذا ما اعتمدنا الحساب الرقمي السابق فإن الفتاتين لم تتجاوزا سنّ التاسعة عشر بعد، وليس كما ذُكر أنهما في العشرينيات من العمر! وهل يعُقل أن تترك الأمّ العمل خاصّة وأنّ وضع العائلة الاقتصادي سيء؟ وتمتهن الخياطة كمصدر للدخل؟
ثالثا الشخصيّات
من المعروف أن أحد ميّزات الرواية هي كشف النفس البشرية للشخصيات التي تحرّك الأحداث داخلها، لكن هل استطاع الكاتب كشف مكنون نفسيّة شخوصه؟
– ذكر لنا الكاتب في الصفحة ( 139) الفصل ( 42) أنّ الأجزع بعدما فرغ من قتل ضحيّته، خرج من منزله وصلّى تحت شجرة الزيتون أمامه، وهنا تناقض بين سلوك الأجزع والدور الذي رسمه له الكاتب في الروايّة كزعيم عصابة وقاتل ومهرّب.
– الأخطل وهو المحقق السريّ الذي يسعى لفرض العدالة. لم ينجح الكاتب بالكشف عن شخصيّة هذا المحقق بشكل يسهل على القارئ تخيّل نفسيّة الأخطل، ولم يستدل القارئ على الجهة التي يعمل لصالحها المحقق صاحب الوشاح الأسود. محقق ومجرم يترافقان ويتعاهدان ويكملان الطريق سويّة. هنا لا مبرر دراميا لهذا التزامل والترافق بين شخصيّة إجراميّة – الأجزع- وبين شخص يسعى لتحقيق العدالة – الأخطل-. والمعروف في علم النفس مدى التنافر بين هاتين الشخصيتين من حيث البناء النفسي – الإداركي والسلوكي-.
– عالية- أمّ البنات-، حقيقة كان لا بدّ من رسم ملامح هذه الشخصيّة وخاصّة وأن حربا كانت قد تقوم من أجلها.
– الأبكم رشاد وقانونه 308، المجرم الحقيقي، لم يذكر الكاتب البتّة دوافع سلوكه الإجرامي سوى حبّه لليلى، وهذا ليس كافيا أو مقنعا لا للقارئ ولا لصاحب معرفة سطحيّة بعلم الإجرام على حد سواء، والمعروف أيضا في علم النفس الإجرامي هو أنّ دوافع المُغتصب تستند إلى جنوحه نحو العدوان وليس لإشباع الرغبات، وأيضا رغبتهم في الاغتصاب تعود إلى تكوين خاطئ في شخصياتهم. وهذا لم يفصح عنه الكاتب.
– ليلى، كيف لفتاة تعرّضت للخطف والاغتصاب أن تتعافى وتتقبل الأمور كما هي في غضون فترة لا تتجاوز الأسبوعين؟ من منتصف تشرين الثاني حتّى نهايته كم ذكر الكاتب في الفصل (76) الصفحة ( 340). لم يُشر الكاتب أنّ الفتاة حظيت بعلاج نفسي يساعدها على تخطّي المرحلة، وكيف للمحقق محمود أن لا يوجّه الضحيّة؛ لتلقي التدخّل النفسي المناسب؟
رابعا: تناسق الأحداث
الصدق الفني لأيّ عمل يُطالب كاتبه بتحرّي منطقيّة تسلسل الأحداث ممّا يضفي متعة وتشويقا إضافيّا لدى المتلقي، وهنا بما أننا أمام رواية بوليسيّة فإنّ التفاصيل لها تأثير كبير لدى القارئ وتفعل فعلها في مخيّلته التي تحاول استنباط الأحداث وكشف شخصيّة المجرم. وعدم التناسق يشتت القارئ ويجعله يحاول إعادة ترتيب الأحداث في مخيّلته، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:
– أخبرنا الكاتب بأنّ مكان احتجاز الرهينة هو كوخ صفحة ( 15)، لنكتشف لاحقا في نهاية الرواية أنّه لم يكن كوخا وإنما غرفة في منزل.
– حوار الطعام صفحة 18-22 ذكر الكاتب أنّ أرملة جبريل استيقظت في الساعة 8:15 صباحا، وهي لحظة إيقاظ لمياء لأختها ليلى، دارت مشاكسة بين الفتاتين وذهبت ليلى إلى الحمام واستبدلت ملابسها، كل هذه الأحداث جرت في غضون 15 دقيقة فقط، حيث أنهت تناول طعام الفطور كما ذكر الكاتب في تلك الصفحات. ألم تعتني ليلى بملابسها ومظهرها الخارجي خاصة وهي ابنة الثالثة والعشرين؟ أليس المظهر الخارجي لفتاة في ذلك العمر يحتلّ الصادرة لديها.
– ذكر في الصفحة ( 23) أنّ لمياء كانت تحيك الثياب، بينما ذكر الكاتب في الصفحة (39) أنّ الفتاة كانت تساعد أمّها في تنظيف المنزل لحظة طرق الأخطل باب المنزل.
– كيف لم تستطع الشرطة تحديد مكان لمياء المختطفة بعد المكالمة الهاتفيّة التي أجرتها لمياء مع الشرطة؟
– ذكر الكاتب في الصفحة (74) أنّ الأجزع كان قليل التنقّل في شوارع القدس لأنّه كان مطلوبا للعدالة، إذن كيف سافر إلى الأردن مع عائلته؟ بجواز سفر مزيّف مثلا؟
– في الفصل (21) في منزل كاميليا، حدد الكاتب ساعة وصول الأخطل لبيت كاميليا في الساعة 2:25 تقريبا وفي الصفحة التالية يدور بينهما حوار، فتعرض كاميليا على ضيفها إعداد طعام الإفطار. هل يوجد فطور في الساعة الثانية بعد الظهر؟
– الصفحة ( 105) “… خلع الأخطل في تلك اللحظة قبّعته وبقي الوشاح حول رقبته” ثم يعود الكاتب في الصفحة التالية ليقول” … رفع الأخطل رأسه ونظر إلى كاميليا فسقط وشاحه عن رأسه” . أين كان الوشاح بالتحديد؟ على الرأس أو حول العنق؟
– الفصل (33) الصفحة ( 110) ذكر الكاتب أن الأخطل غادر اليونان بعدما هاتفه صديقه الأجزع من أجل القيام بمهمة رسميّة في فلسطين. ألم يغادر جبريل وعائلته فلسطين بعد عام 1987؟ والأجزع كان مطلوبا للعدالة، فعن أيّة مهمة رسمية يتحدّث الأخطل؟ هل جنّد الأجزع للعمل لصالح جهاز الشرطة؟
– الفصل (47) الصفحة (164) ذكر الكاتب أنّ الأجزع قتل الحارس بسكّين زرعها في صدره، ثم أجلسه وأنزل قبّعته على وجهه؛ كي يظنّ من يراه بأنّه نائم. أين ذهبت دماء القتيل؟ وكيف ينام من يهاب سيّده يوسف الأبتر؟ ويهاب معه الأجزع؟ كيف ينام وهو يدرك أهميّة السيّدة عالية؟
– الفصل (76) يكشف لنا الكاتب هويّة السيد عمران الحقيقيّة ( يوسف الأبتر)، كيف لم تلحظ كاميليا وعالية ذلك من قبل؟ ألم يكن الأبتر أبن عم الأجزع؟ ألم تشاهده عالية من قبل في القدس أو في حيفا وهو الذي اختطفها؟
– ممارسة الأخطل أدوار المواجهة مع المجرمين والشهود ذكرتني بشخصيّة المحقق كونان في مواجهة الحقائق للمتّهمين دافعا إيّاهم للاعتراف بالجرم أمام الشهود.
– وأخيرا الحشو الذي لا مبرر له، وإقحام رأي الكاتب في بعض المسائل كما فعل حين تحدّث عن الأردن، بالإضافة لتكرار ذكر أحداث سابقة في بداية كل فصل جديد تقريبا.
وقالت رائدة أبو الصوي:
رواية بوليسية تحمل قضية قضائية تتعلق بقانون العقوبات الأردني المادة رقم 308
طرح الكاتب الفكرة بطريقة مشوقة .أدخل عنصر الزمان والمكان بطريقة قوية جدا مرهقة للقاريء، ولكن الجهد المبذول يظهر دقة الكاتب في سرد التفاصيل.
الرواية تتحدث عن فترة من الزمن ليست بعيدة .الرواية هادفة والقانون ظالم . في الرواية نهاية مؤلمة كيف قضى المجرم على عائلة علياء، اغتصب ابنتيها لتحقيق غاية الزواج من ابنتها ليلى بقوة القانون .
المادة 308 التي تنص على المصادقة على تزويج المغتصب من المغتصبة ،الجرح الذي فتحه الكاتب في هذه الرواية يستحق الاحترام والتقدير ،دق جدران الخزان وأكد أننا في خطر إذا طبق هذا القانون الجائر بحق الضحايا وأسرهنّ، في الرواية سرد دقيق ومفصل لمنطقة المدرج الروماني في عمّان وصف الفندق، فندق ،مير الشرق .
عنصر التشويق في تحليل الجريمة وفك رموز رسالة الأخطل ،علاقة الأخطل مع كاميليا وعالية تشعر القاريء أنه يتابع فيلما أجنبيّا.
لا ضوابط ولا قيم اجتماعية في علاقة النساء بالأخطل. ونقطة اثارت انزعاجي وهي وصف عالية لابنتها لمياء بأنها “لعوب” ، ولا توجد أمّ تصف ابنتها بتلك الصفة.
نهاية الرواية ومساعدة الأخطل للأبتر على الهرب غير مقنعة .الرواية فيها تشويق
بدأت مرهقة وفي وسطها ممتعة وفي نهايتها تراجيديا مؤثرة .
ما أثار في ذاكرتي ارتباط شخصية الأخطل بزريف الطول ،ما كتبه الكاتب في نهاية الرواية، أمّا عن فلسطين فلم يقرر الأخطل موعدا لعودته هناك. وقال بأنه سيدخلها يوما برفقة أميراته الأربعة.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
روايّة بوليسيّة ،إختار الكاتب أن تدور معظم أحداثها الرّئيسيّة في الأردن من أجل إبراز قانون العقوبات الأُردني 308 المتّعلّق بحالة الإغتصاب، والذّي يُسقط العقوبة على المغتصب في حال زواجه من الضحيّة، وحسب إعتقادي الشخصي لو لم يكن هذا القانون لكانت مجريات الأحداث في فلسطين.
وممّا يلفت نظر القارئ هذا القانون المجحف، وكأنّه الحلّ السّحريّ للمغتصب، يقول رشاد أثناء إغتصابه لليلى “شكرا 308 شكرا 308″
لكن السؤال هل من المعقول أن يفكر المحب مثل رشاد بتخطيط خطف واغتصاب ليلى فقط؛ كي تسنح له الفرصة بالزواج منها، فهل هذا هو الحبّ؟
لا شكّ أنّ الكاتب يملك خيالا خصبا إلإ أنّ بعض المشاهد أو المواقف لم تكن مقنعة، فمثلا كيف لفتاة مغتصبة لم يمرّ عليها بضع ساعات أو أقلّ أن تلحق مغتصبها، وتحاول أن تنتقم منه، كما فعلت ليلى حين اختبأت بمركبة رشاد، وقامت بمضايقته ومحاولة خنقه أثناء سياقته، فهل تملك ليلى الشجاعة في حالتها الجسّديّة والنفسيّةالمنهارة .
هنالك بعض الحشو في الرّوايّة من خلال جمل لا حاجة لذكرها، بل تبدو زائدة، فعلى سبيل المثال”بدأ الأخطل بالاستحمام، كما قام بتنظيف جسده وأسنانه وغسل شعره ووضع الصابون”
هنالك تكرار لنفس المشاهد، فمثلا تكرّر مشهد لمياء وهي تشدّ عباءة أُمّها حين رؤيتها الأخطل ص24 ص42.
إختار الكاتب أسماء الشخصيّات على وزن أفعل، وذات سجع مثل أخطل -أجزع، أبتر-أبكم، علياء-لمياء، كامليا-ليلى.
جاء العنوان “الوشاح الأسود”موفقا حيث وصفه الكاتب عدة مرّات وصاحبه الأخطل الشّخصيّة المركزيّة في الرّوايّة.
جاءت الّلغة سلسة مشّوقة بالرغم من تكرار بعض المشاهد والانتقال ما بين الذكريات والحاضر الذّي يشوش من ذهن القارئ، وقد اعتمد الكاتب في بدايّة الرّوايّة على وصف المكان حيث وصف جسر الملك حسين منطقة العبور إلى الأردن بدّقة، وكذلك وسط عمّان والمدّرج الرّوماني.
وكتب رائد محمد الحواري:
بعد رواية “المأدبة الحمراء” جاءت هذه الرواية لتكمل مغامرات “الأخطل/بنغازي/صاحب الوشاح الأسود” الملفت للنظر أن بطل الرواية الأولى والثانية هو عين الشخص، “الأخطل” وقد استطاع الراوي أن يقنعنا بطريقته في سرد الأحداث، فهي لا تسير بخط مستقيم، بل من خلال تعرجات وتداخلات وتراجعات في الأحداث، وهذا يحسب للراوي، وقد طرحت بعض الأسئلة في الراوية الأولى، والتي ما زالت بحاجة إلى اجابة، وللتذكر نعيد تقديمها مرة أخرى: “ما هي أهمية هذا النوع من الأدب لنا؟، وهل يلبي طموحتانا الفكرية أو المعرفية؟، وهل مثل هذه الروايات يمكن أن تلاقي الاهتمام من الجمهور؟ وهل عمل روائي بهذا الحجم ـ 244 صفحة حجم متوسط ـ يتقبله المتلقي، أم بحاجة إلى تكثيف أكثر؟ “.
هناك مجموعة من الملاحظات على رواية “الوشاح الأسود” منها، تكرار الاسماء في الفقرة الواحدة أو الصفحة الواحد بشكل مزعج للقارئ، كما هو الحال في الصفحة 39 التي يكرر فيها “الوشاح الأسود” ست مرات، وفي الصفحة 44 خمس مرات، وفي الصفحة 45 الربع مرات، وكلمة الأخطل تكررت في الصفحة 64 و65 سبع مرات، وتكررت كلمة كاميليا ست مرات في الصفحة 96، وكلمة الأخطل ثمان مرات في نفس الصفحة، وتم تكرار “الأجزع في فقرة مكونة من أربعة أسطر ثلاث مرات، في الصفحة 247، والأخطل وهناك تكرار في غير مكانه كما هو الحال في هذه الفقرة: ” وما أن خرج الأخطل حتى مائدة طعام كبيرة تنتظره، وكانت كاميليا تقف قريبة منها تمسك بيديها منشفة صغيرة، فما أن خرج الأخطل حتى اقتربت كاميليا منه” ص71، فهن تكرر “خرج الأخطل” مرتين، علما بأن هذا التكرار تعطي المتلقي أن السارد غير واثق في طريقة تقديمه للأحداث، أو أنه لا يحسن التعبير عما يريد، وعدم الثقة في التعبير نجدها واضحة في هذه الفقرة: ” ـ ما رأيك أيها الأبتر، هل أغفر لك خيانتك يا ابن عمي. الأجزع يوجه كلامه للأبتر، ولكن الأبتر لم يجبه فقال الأجزع” ص248، اعتقد أن هذا الشكل في الحوار ضعيف وبحاجة إلى صياغة جديدة، فلا يعقل أن بوضح لنا المتحدث لم هو الكلام ولم يوجه في عين الفقرة، .
ومن الملاحظات على الراوية أن الراوي ركز في جريمتي الاغتصاب التي حصلت لكلا من لمياء وليلى على دماء البكارة أكثر من الأثر النفسي الذي تعرضت له الضحيتين، مثلا عملية اغتصاب ليلى جاءت في صفحة 283، ولم يحاول السارد أن يدخلنا |إلى نفستها كضحية، بل اكتفى بالحديث من الخارج، بصفته مراقب أكثر منه سارد لأحداث رواية.
وهناك ملاحظة أخرى تتمثل أن الرواية حتى نصفها كانت وتيرة الأحداث بطيئة ومملة، لكنها بعد الصفحة 180 أخذت في التطور وتسارعت الأحداث بشكل مغاير تماما عما كان عليه في نصفها الأول.
أمّا بخصوص المكان فأعتقد أن السارد نجح في تناوله في المكان، خاصة عملية التنقل بين فلسطين والأردن، لكنه وقع في خطأ عندما تحدث عن تفاصيل مكان الاختطاف، فقد جعل في “حديقة” علما بأن كل المباني المقابلة للمدرج الروماني لا يوجد فيها أية اشجار، فهي مباني تجارية متلاصقة، وهناك خلل عندما جعل المسافة بين المسجد الحسيني في وسط عمار والفندق الشرق المقابل للمدرج الروماني تستغرق عشر دقائق ركضا، علما بأن المسافة بين المسجد والمدرج الروماني لا تستغرق مشيا أكثر من خمس دقائق.