لا توجد قضيّة في العالم أكثر عدالة من قضيّتنا الفلسطينيّة، ولا توجد حقوق ثابتة ومشروعة أكثر من حقّ شعبنا على ترابه الوطنيّ، وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس، ومع ذلك فإنّ العالم يعتبرنا “إرهابيين” رغم أنّنا ضحايا لإرهاب الإحتلال الإسرائيلي المدعوم أمريكيّا والمسكوت عنه عربيّا. ولا حاجة بنا للتّذكير بأنّ من أسباب ذلك هو قصور الدّبلوماسيّة العربيّة وقصور الإعلام العربي في إيصال قضيّتنا للرّأي العام العالميّ.
أمّا على المستوى المحليّ، فإنّ القصور الإعلاميّ لا يخفى على أحد، ولهذا أسباب هامّة منها ضيق الأفق السّياسي والمهني للقائمين على وسائل إعلامنا، فغالبيّتهم تعمل في وسائل الإعلام لانتمائها الحزبي والتنظيميّ بعيدا عن القدرات المهنيّة والوعي السّياسي والثّقافي، فمثلا لدينا فضائيّات مموّلة من ميزانيّة سلطتنا، ولديها قرارات بمنع ظهور بعض الأشخاص من ذوي الرّأي على شاشاتها، ومن هؤلاء أشخاص يدافعون عن السّلطة وقيادتها. وعندنا صحف ورقيّة، ووكالات أنباء، ومواقع ألكترونيّة ترفض نشر مقالات أو أخبار محلية حتّى قبل أن يقرأها المحرّرون الأشاوس، أو أنّ بعضهم لا يفهم ما يقرأ، أو أنّه يحكم على الموضوع من عنوانه أو من خلال قراءة اسم مرسله. ومعروف أنّ قوّة الصّحافة تنبع من أخبارها المحلّيّة، ومن مقالات كتّابها المحليّين، فهل يعلم القائمون على بعض وسائل إعلامنا ذلك؟
هناك صحف عربيّة تصدر في العالم العربيّ وفي بعض العواصم العربيّة تتّصل بكتّاب من بلادنا، ويعرضون عليهم مبالغ مالية مجزية مقابل كتابة مقالة أسبوعيّة لهم، وصحافتنا المحليّة لا نريد منها مقابلا ولا حمدا ولا شكورا، وليت الجهابذة العاملين فيها يعللون لنا عدم نشرهم لكثير من مقالاتنا وأخبارنا. وعندما نرسلها للصحف العربية خارج الوطن تقوم بنشرها في مكان بارز.
وأستذكر هنا ما كان يقوله أحد المحررين في صحيفة محليّة مفاخرا بأنّه كان يرفض نشر بعض رسومات الرّاحل ناجي العلي الكاريكاتيرية. كما أستذكر أننا أرسلنا قبل سنوات تقريرا إخباريّا عن أمسية لندوة اليوم السابع الثّقافية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، في نفس ليلة الأمسية لصحفنا المحلية ، وفوجئنا به ينشر على صفحة كاملة في أحدى صحفنا بعد شهرين من تاريخة نقلا عن صحيفة “القدس العربي” التي تصدر في لندن. والحديث يطول.
28-9-2019