جميل السلحوت:بدون مؤاخذة-غزة عار الانسانية الحرب الاسرائيلية الدائرة على غزة هذه الأيام تشكل من جديد عارا على الانسانية جمعاء، فعندما تشن اسرائيل حربا على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة ، مسجونون في ما لا يزيد على مائتي ميل مربع، ومحاصرون برا وجوا وبحرا منذ ما يزيد على ست سنوات، دون أن يستطيع مجلس الأمن الدولي من اتخاذ قرار بوقف هذه الحرب الهمجية، رغم عشرات الضحايا من الأطفال والنساء، ورغم التدمير الهائل الذي يلحق بالبيوت التي ما عادت آمنة، فهذا يضع تساؤلات كبيرة قديمة جديدة على مسؤولية الرأي العام العالمي، الذي يرضخ لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية المنحازة انحيازا أعمى للسياسة الاسرائيلية، والتي تنظر بعين واحدة للصراع، فتهديد المدنيين الاسرائيلين من القذائف المنطلقة من قطاع غزة، يقابله تهديد أكثر بشاعة واتساعا ونيرانا عمياء لمليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، فلماذا يتم تجاهلهم وتجاهل أمنهم وحقهم في الحياة؟ ولماذا يتم تجاهل أسباب هذا الصراع الذي طال أمده؟ ولماذا يتم تجاهل تحديد المسؤولية عمن يتهربون من متطلبات انهاء هذا الصراع؟ إن ضحايا هذه الحرب وهذا الصراع نتاج للاحتلال المتواصل للأراضي الفلسطينية، والذي يجري ترسيخه اسرائيليا وبدعم لا محدود ممن يسمون أنفسهم”العالم الحر” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فان المحتلين ومن يساعدونهم على استمرارية احتلالهم يتحملون مسؤولية الجرائم المرتكبة في هذه الحرب وما سبقها وما سيتبعها.وحكومة نتنياهو-ليبرمان وباراك في اسرائيل التي تسعى من وراء هذه الحرب الى تغذية اليمين المتطرف في اسرائيل كي تفوز في الانتخابات القادمة، تجر المنطقة الى ويلات يعلمون متى يشعلون نارها، لكنهم لم ولن يعرفوا متى ستنتهي؟ وكيف ستكون نتائجها، فالقوة العسكرية الهائلة التي يملكونها، والدعم اللامحدود الذي يلقونه من الادارة الأمريكية تعمي بصيرتهم عن القراءة الصحيحة لسياساتهم العمياء.والقيادة الاسرائيلية التي تتخبط في حربها، وتطورها بطريقتها الخاصة حتى باتت الصحافة والمنشآت المدنية جزءا من أهدافها، لا تعي خطورة ذلك على المنطقة برمتها. واذا كانت تريد اختبار موقف الجماعات الاسلامية التي وصلت الى الحكم في بعض البلدان العربية وفي مقدمتها مصر، بل وتريد جرها الى معارك خاسرة لتجهز عليها في مهدها، انما هي كالنعامة التي تضع رأسها في الرمال، فالشعوب العربية تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى، ولن يهدأ لها بال ما لم يتم حلّ هذه القضية من خلال تمكين الشعب الفلسطيني من حقه وتقرير مصيره، واقامة دولته المستقلة كبقية شعوب الأرض، بعد كنس الاحتلال وكافة مخلفاته. وإذا بقي الموقف العربي الرسمي مقصورا على الشجب والاستنكار، وتقديم بعض المساعدات المادية ، بعد أن أسقط الخيارات العسكرية، فان “الأصدقاء” الأمريكيين الذين يملكون مفاتيح حلّ هذا الصراع لن يغيروا موقفهم، ما لم يتغير الموقف العربي الرسمي، والعرب يملكون امكانيات اقتصادية هائلة يستطيعون استعمالها وفي مقدمتها البترول العربي، ولو استعملوا البترول وحده كسلاح لتحقيق الأهداف السياسية لكفاهم ذلك.18-11-2012