باختصار ودون مقدّمات لي صديق شاعر، روائيّ، قاصّ للأطفال، مبدع جميل، مرهف الإحساس، نقيّ كماء الينابيع التي تتدفّق من وسط صخور بلادنا، صادق لا يخشى في قول الحقّ لومة لائم، حسن المعشر، متواضع بشكل لافت، عرفته منذ نعومة أظفاره، فأنا أكبره عمرا بأكثر من عشر سنوات، لا تفارق البسمة وجهه رغم الآلام التي يختزنها في صدره.
صديقي الذي دخل السّتينات من عمره عفيف النّفس، محبّ للحياة وللنّاس.
صديقي ماجد المثقّف الملتزم الذي أفنى عمره محبّا لوطنه ولشعبه، ضاقت به السّبل، وبعد هذا العمر الذي انحاز فيه إلى الكادحين لم يجد عملا يعتاش منه سوى العمل طبّاخا في “كافيتيريا” يداوم فيها من السّبعة صباحا حتّى السّابعة مساء، براتب شهريّ لا يتجاوز 2500 شاقل، أي دون الحدّ الأدنى للأجور والذي يوفّر لربّ أسرة حياة كريمة.
صديقي ماجد الذي يعشق المطالعة ويعمل باستمرار على تثقيف نفسه، ما عاد لديه وقت للمطالعة، يعود إلى بيته منهكا وقد هدّه التّعب، يلفّ سجائره الشّعبيّة، يبتلع دخّانها وكأنّه ينتقم من رئتيه، ثمّ ينفخها لتحلّق في فضاءات غرفة نومه، مارّة بكتبه التي تنظر إليه بشبق وكأنّها تعاتبه، يتمدّد على سريره حاملا كتابه، يقرأ إلى أن يغفو على أمل أن يستيقظ مبكرا ليلتحق بعمله.
صديقي ماجد الأديب الشاعر الرّوائيّ القاصّ لا يرى غضاضة في العمل مهما كان، مثله مثل بقيّة من يتحلّون بالوعي الكافي، لكنّه لا يجد وقتا للكتابة. صديقي ماجد تأتيه فكرة وهو يتعامل مع الطّناجر والصّحون يتحيّن لحظات لينزفها على الورق، وقد تحين له الفرصة أو لا تحين فتضيع الفكرة.
أمّا أنا فقد عادت بي الذّاكرة إلى الرّئيس الرّمز الرّاحل ياسر عرفات، الذي أصدر تعليماته عندما قامت سلطتنا الفلسطينيّة عام 1994 ، بضرورة استيعاب الكتّاب في وظائف محترمة ضمن كادر وزارة الثّقافة. وأعتقد جازما أنّ وزير الثّقافة الشّاعر إيهاب بسيسو الذي يحظى بثقة الأدباء أنّه لا يعلم بحال صديقي ماجد الذي انتخب عضوا في الهيئة الإداريّة لاتحاد الكتّاب الفلسطينيّين، وإن كنت أتمنّى أن يبقى الوزير بسيسو بمنصبه في الحكومة القادمة لما يتحلّى به من صفات تؤهّله لهذا المنصب، فإنّني أتمنّى على معاليه أن يستوعب ماجد في كادر الوزارة.
12-2-2019