وأخيرا عاد بهاء فلسطين إلى حضن أمّه الأرض، عاد إلى قلبها الذي يعتبر البقعة الأقرب إلى السّماء، عاد على مرمى دمعة من معراج خاتم النّبيّين صلى الله عليه وسلم، عاد بعد احتجاز لجثمانه لمدّة 332 يوما، ودّع البهاء الحياة الدّنيا في 13 اكتوبر 2015، فاحتجز المحتلون جثمانه في ثلاجات، ضمن سياسة العقوبات الجماعيّة التي تفرض على ذوي الشّهداء، لكنّ والدي البهاء صبرا واحتسبا أجرهما على الله، تألّما وعانيا ألَم الفراق بصمت، وهما على إيمان عميق بأنّ روح البهاء حرّة طليقة تحلّق في السّماوات العليا، وتجوب فضاء القدس ومسجدها الأقصى. رفض المستكبرون بطغيانهم وقوّتهم دفن جثمان البهاء في مقبرة بلدته جبل المكبر، أو في منطقة “الحرذان” في الجزء الشّرقيّ من بلدته، نقضوا الاتفاقات امعانا في التّعذيب النّفسيّ لذوي الشّهيد، لكنّ والدي البهاء انتصرا بإرادتهما وصبرهما، فعاد جثمان البهاء ليرقد في مقبرة باب الرّحمة على عتبات المسجد الأقصى، وبجوار سور القدس العظيم، وهذه أمنية كلّ مسلم أن يوارى جثمانه في هذا المكان المقدّس، وهذا ما لا يعرفه من قرّروا احتجاز الجثامين.
البهاء يرقد الآن مرتاحا في المكان الذي ترك بصماته عليه، عندما فكّر وأعدّ وساهم وشارك في أطول “سلسلة قارئة حول سور القدس” في آذار 2013، التي دخلت موسوعة “جينيتس” وكأنّي بالبهاء يقرأ تاريخ المدينة ويراقب ما يجري فيها من مرقده الآن.
البهاء يرقد الآن بسلام ينشر ثقافة الحياة التي تركها في وصيّته، من نفس المكان الذي حمل فيه الكتاب في أطول “سلسلة قارئة حول سور القدس”. ووالدا البهاء رغم مرارة الفراق ولوعة القلب على فراق فلذة الكبد فرحين بانتصار ثقافة الحياة، فللبهاء الرحمة والخلود، ولوالديه الصّبر والعزاء، ونشوة الصّبر.
1-9-2016