بدون مؤاخذة – الثقافة ونشر الكتب

ب
عندما نشرت اليونسكو أن العربي يقرأ بمعدل ست دقائق في السنة، بينما يقرأ الفرنسي بمعدل 280 ساعة، لم يصدق كثيرون من العربان تلك الاحصائية، ولم يصدقوا أن أمّة اقرأ لا تقرأ، وأنا شخصيّا ممن لم يصدّقوا ذلك، لكن من منطلقات أخرى غير منطلقات أولئك الذين يعتبرون من يؤمّون الصلاة علماء، حتى وإن كان منهم أشباه أمّيين، ولديّ ما يثبت عدم دقة احصائية اليونسكو، وليس عدم مصداقيتها، فاليونسكو تعتمد في احصائياتها تلك على الكتب المطبوعة والصادرة عن دور نشر في دول فيها مكتبات وطنية، تعطي رقم ايداع لكل كتاب يصدر، ونحن في فلسطين لا مكتبة وطنية عندنا، وبالتالي فان اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية لا تعرف شيئا عن الكتب التي تصدر عندنا، ولا حتى عن الكتّاب بمن فيهم من صدر لهم عشرات الكتب.
واذا كانت جهود كتابنا مجهولة دوليا، فان النشر في بلادنا مشكلة بجدّ ذاته لأسباب كثيرة منها:
أن ميزانية وزارة الثقافة محدودة جدا، وبالتالي فان مخصصاتها لدائرة النشر في الوزارة محدودة جدا هي الأخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لاتحاد الكتاب وبيت الشعر، اللذين لا مخصصات لهما، حتى أن بعض المؤسسات التي تصدر أبحاثا ودراسات قيّمة مثل مركز البحوث والدراسات الاسلامية، تصدر منشوراتها بطريقة بائسة وفقيرة، وبعشرات النسخ التي توزع على مؤسسات، مع أنها تستحق التعميم بآلاف النسخ وبطباعة أنيقة.
لكن اللافت أنه كان في القدس دور نشر ما لبثت أن أغلقت أبوابها لأسباب مالية ومنها: دار الكاتب، دار العودة، منشورات صلاح الدين، ووكالة أبو عرفة وغيرها. وفي العام 2010 ظهرت دار الجندي للنشر والتوزيع، وهي دار نشر خاصة يملكها الكاتب سمير الجندي، وهذه الدار نشرت حوالي 200 كتاب، كما أنها تشارك في معارض الكتب التي تقام في العواصم العربية، ولها الفضل الكبير في إيصال الكتاب المحلي الى العالم العربي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه، وكذلك الأمر بالنسبة لدار الشروق في رام الله لصاحبها الكاتب فتحي البسّ. وهناك منشورات أوغاريت، ومنشورات مؤسسة تامر التي تعنى بأدب الأطفال. وغيرها…لكن ذلك لا يكفي، لعدم وجود دعم للكتاب، في ظل ارتفاع أسعار ثمن الورق والطباعة، مما يرفع سعر الكتاب الذي يصبح ثمنه فوق القدرات الاقتصادية للقارئ الجاد في ظل تدني المداخيل.
لكن في الأحوال كلها فان الكتّاب الشباب يبقون هم الضحية الأولى، فهم مضطرون لطباعة كتبهم على حسابهم الخاص، وهذا قتل للابداع، بدل تشجيعه، وهناك طلاب موهوبون ومبدعون، ولا مداخيل لهم، وينحدرون من أسر فقيرة، ولا يجدون من يأخذ بأيديهم لنشر ابداعهم.
19-4-2014

جميل السلحوت:بدون مؤاخذة – الثقافة ونشر الكتبعندما نشرت اليونسكو أن العربي يقرأ بمعدل ست دقائق في السنة، بينما يقرأ الفرنسي بمعدل 280 ساعة، لم يصدق كثيرون من العربان تلك الاحصائية، ولم يصدقوا أن أمّة اقرأ لا تقرأ، وأنا شخصيّا ممن لم يصدّقوا ذلك، لكن من منطلقات أخرى غير منطلقات أولئك الذين يعتبرون من يؤمّون الصلاة علماء، حتى وإن كان منهم أشباه أمّيين، ولديّ ما يثبت عدم دقة احصائية اليونسكو، وليس عدم مصداقيتها، فاليونسكو تعتمد في احصائياتها تلك على الكتب المطبوعة والصادرة عن دور نشر في دول فيها مكتبات وطنية، تعطي رقم ايداع لكل كتاب يصدر، ونحن في فلسطين لا مكتبة وطنية عندنا، وبالتالي فان اليونسكو وغيرها من المنظمات الدولية لا تعرف شيئا عن الكتب التي تصدر عندنا، ولا حتى عن الكتّاب بمن فيهم من صدر لهم عشرات الكتب.واذا كانت جهود كتابنا مجهولة دوليا، فان النشر في بلادنا مشكلة بجدّ ذاته لأسباب كثيرة منها:أن ميزانية وزارة الثقافة محدودة جدا، وبالتالي فان مخصصاتها لدائرة النشر في الوزارة محدودة جدا هي الأخرى، وكذلك الأمر بالنسبة لاتحاد الكتاب وبيت الشعر، اللذين لا مخصصات لهما، حتى أن بعض المؤسسات التي تصدر أبحاثا ودراسات قيّمة مثل مركز البحوث والدراسات الاسلامية، تصدر منشوراتها بطريقة بائسة وفقيرة، وبعشرات النسخ التي توزع على مؤسسات، مع أنها تستحق التعميم بآلاف النسخ وبطباعة أنيقة. لكن اللافت أنه كان في القدس دور نشر ما لبثت أن أغلقت أبوابها لأسباب مالية ومنها: دار الكاتب، دار العودة، منشورات صلاح الدين، ووكالة أبو عرفة وغيرها. وفي العام 2010 ظهرت دار الجندي للنشر والتوزيع، وهي دار نشر خاصة يملكها الكاتب سمير الجندي، وهذه الدار نشرت حوالي 200 كتاب، كما أنها تشارك في معارض الكتب التي تقام في العواصم العربية، ولها الفضل الكبير في إيصال الكتاب المحلي الى العالم العربي الذي نحن جزء لا يتجزأ منه، وكذلك الأمر بالنسبة لدار الشروق في رام الله لصاحبها الكاتب فتحي البسّ. وهناك منشورات أوغاريت، ومنشورات مؤسسة تامر التي تعنى بأدب الأطفال. وغيرها…لكن ذلك لا يكفي، لعدم وجود دعم للكتاب، في ظل ارتفاع أسعار ثمن الورق والطباعة، مما يرفع سعر الكتاب الذي يصبح ثمنه فوق القدرات الاقتصادية للقارئ الجاد في ظل تدني المداخيل. لكن في الأحوال كلها فان الكتّاب الشباب يبقون هم الضحية الأولى، فهم مضطرون لطباعة كتبهم على حسابهم الخاص، وهذا قتل للابداع، بدل تشجيعه، وهناك طلاب موهوبون ومبدعون، ولا مداخيل لهم، وينحدرون من أسر فقيرة، ولا يجدون من يأخذ بأيديهم لنشر ابداعهم.19-4-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات