وبما أن وزراء الثقافة في دول العربان قرّروا بأن القدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، فهذا قرار صائب وله دلالات مع أنهم لم يأتوا فيه بجديد، لأن القدس منارة علمية وثقافية ودينية وحضارية عبر تاريخها، منذ أن بناها الملك اليبوسي العربي ملكي صادق قبل ستة آلاف عام لتكون عاصمة لمملكته، ويشهد على ذلك باطن أرض المدينة وظاهرها، إلا أن ما يحزن القدس أن لا أحد ممّن يتغنّون بالقدس من أصحاب القرار، عمل شيئا للقدس يرسم الفرحة على وجه المدينة، ففي الوقت الذي يجري فيه سرقة وتزييف تاريخ المدينة بعد جغرافيتها، فإننا نساهم بشكل وآخر وبغض النظر عن كل التبريرات في طمس الثقافة العربية في هذه المدينة الذي يعتبر مسجدها الأقصى جزءا من العقيدة الاسلامية التي يدين بها أكثر من مليار ونصف شخص، تماما مثلما هي كنيسة القيامة بالنسبة للمسيحيين الذين يزيد عددهم في العالم على المسلمين. فعلى سبيل المثال فقد جرى بعد اتفاقات أوسلو الموقعة في ايلول 1993 والتي نحصد نتائجها الآن، تغييرات كثيرة شوّهت معالم المدينة، وفلسطينيا جرى نقل مؤسسات ثقافية من القدس الى رام الله، مثل مقر اتحاد الكتاب الفلسطينيين، ومسرح القصبة، ومقر اتحاد الصحفيين الفلسطينيين الذي عاد لافتتاح مقره قبل عدة أيام في المدينة، في تظاهرة اعلامية جرى فيها”تكريم عدد من الصحفيين القدامى” والذي لا نعرف كيف صنفوا من هم القدامى؟ أو هل هم يعرفون حقا الصحفيين القدامى؟ لكنه أمر جيد ومحمود ويُشكرون عليه بأنهم عادوا، كما أن صحفا ومجلات كانت تصدر في القدس قد توقفت واختفت مثل: صحف الفجر وملحقها الأدبي، المنار، الشعب، النهار، الصدى، ومجلات مثل: العودة، الكاتب، الأسبوع الجديد. ولم يبق في القدس إلا صحيفة القدس. فلا تقبلي عذر أحد يا قدس، ولا تسامحي أحدا منا، فكلنا يا جنة السماوات والأرض مقًرون بحقك، وعاقون لك يا أمّنا الرؤوم.
وظهرت صحف جديدة في رام الله مثل الأيام والحياة الجديدة وغيرهما، وهذا أمر جيد أيضا…لكن لماذا تمّ اغلاق الصحف والمجلات التي كانت تصدر في القدس؟ صحيح أن عددا كبيرا من الصحفيين من خارج القدس لا يستطيعون دخول القدس بعد اغلاقها في 28-3-1993 ، وعزلها عن محيطها الفلسطيني وامتدادها العربي،لأنهم يعيشون خارج، لكنه كان بالامكان التغلب على هذه القضية من خلال الفاكس والانترنت.
18-4-2014