بداية من حقّ قطاع غزّة الذّبيح أن يكون له ميناء بحريّ وآخر جويّ، وما حصار قطاع غزّة منذ انقلاب حماس عام 2006، وما ترتّب عليه من مآسي يندى لها جبين الانسانيّة إلا واحدة من الجرائم بحق الانسانيّة التي يشارك فيها العالم أجمع، وما استمرار الانشقاق الفلسطينيّ إلا جريمة بحقّ فلسطين وشعبها، ولا يستفيد منه إلا الأعداء.
ويدور الحديث الآن عن امكانيّة انشاء ميناء عائم على بعد أربعة كيلومتر عن شاطئ غزة، ويبدو أنّ هذا يأتي ضمن تفاهمات السّلطان التّركي أردوغان مع حلفائه الاستراتيجيّين في اسرائيل، فهل تأتي نوايا انشاء هذا الميناء تحت باب حقّ أبناء شعبنا في قطاع غزّة بأن يعيشوا بكرامة مثل بقيّة شعوب الأرض، أم أنّ هناك نوايا مبيّتة لتكريس الانفصال بين الضّفة الغربيّة وقطاع غزّة؟ وهل ستتوقّف عند ذلك أم ستتعدّاها إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير؟ ولماذا لم يتمّ حتّى الآن انهاء الانقسام؟
وإذا ما حككنا ذاكرتنا وعدنا قليلا إلى الوراء، وتحديدا إلى العام 1972 وما سمّي في حينه”مشروع ألون” نسبة إلى ايجال ألون نائب رئيسة الوزراء الاسرائيليّة جولدة مائير في حينه، وهذا المشروع لم يحظ بضجّة اعلاميّة لتسويقه، وحتّى لم تتمّ متابعته كما يجب، وإن كانت جماعات صهيونيّة تعود لإحيائه وإعادة التّذكير به بين الفينة والأخرى، من خلال توزيع منشورات مقتضبة عنه وترسلها بالبريد إلى بعض الفلسطينيّين.
وما يهمّنا هنا، أنّ مشروع ألون قد رسم فيه أطماع اسرائيل التّوسّعيّة في الضّفة الغربيّة، والتي يجري التّخطيط الاستيطاني فيها بناء عليه دون ذكره.
لكنّه يطرح أيضا إقامة دولة للفلسطينيّين تمتدّ من قطاع غزّة إلى سيناء بمساحة اثني عشر ألف كيلومتر، -أي أكثر من ضعف مساحة الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة- يجري استصلاحها من خلال إزالة الرّمال وإيجاد مصادر للمياه؛ لتطوير الزّراعة مثلما جرى في المستوطنات الاسرائيليّة التي جرى هدمها والانسحاب منه بموجب اتفاقات كامب ديفيد، وبناء مدن بدعم دوليّ، لحلّ القضّية الفلسطينيّة خارج حدود فلسطين التّاريخيّة، التي ترى الحركة الصّهيونية فيها”أرض اسرائيل” التي وعدهم الرّبّ بها –حسب إيمانهم-.
فهل تكريس الانقسام وبناء الميناء يأتي عفويّا، أم يندرج تحت محاولات تمرير مشروع ألون خطوة خطوة؟ وهل أردوغان وجماعة الاسلام السّياسيّ بعيدين عن هكذا طروحات، خصوصا وأنّ الطريق إلى جهنّم قد يكون معبّدا بالنّوايا الحسنة؟ وما مدى صحّة ما نشرته مصر بعد الاطاحة بالرئيس مرسي عن تفاهماته مع حماس للتّنازل لها عن أجزاء من سيناء؟ أولا يدعو هذا إلى الرّيبة والشّكّ بعدم براءة ما يجري؟
5-8-2016