تسامح: يبدو أنّ أمريكا وحليفتها اسرائيل لم تكتفيا بالسّيطرة على طاحونة الإعلام العالميّة، وكبادرة حسن نيّة من أنظمة التّطبيع العربيّ العلني والسّرّي فقد سخّرت فضائيّاتها ووسائل إعلامها بناء على طلب “الصّديقة” أمريكا لترويج الرّواية الصّهيونيّة، فنرى فضائيّات عربيّة تستضيف دهاقنة السّياسة الصّهيونيّة، كي تدخل روايتهم كلّ بيت عربيّ.
إدارة الصّراع: رفض قادة دول الإستكبار والطّغيان العالميّة، ومن ورائهم الصّهيونيّة العالميّة الاعتراف بحقّ الشّعب الفلسطينيّ بتقرير مصيره وإقامة دولته منذ وعد بلفور وحتّى يومنا هذا. وحتّى بدايات تسعينات القرن العشرين كانوا يبرّرون رفضهم هذا بأنّ الدّولة الفلسطينيّة إذا قامت ستكون دولة شيوعيّة! ووجدوا داعمين لهم من أنظمة عربيّة وإسلاميّة يدّعي رأس كلّ منها بأنّه أمير المؤمنين! ووقفت معهم قوى وأحزاب الإسلام السّياسي، تحت ذريعة الدّعاية المضادّة القائلة بأنّ العالمين العربيّ والإسلاميّ هم السّور الواقي من خطر الشّيوعيّة!
وبعد انهيار الاتّحاد السّوفييتي ومجموعة الدّول الإشتراكيّة في بداية تسعينات القرن الفارط، بدأ “أصدقاؤنا” في العالم الغربيّ، وحليفتهم اسرائيل بشيطنة الإسلام والمسلميّن، ويرفضون إقامة دولة فلسطينيّة لأنّها ستكون دولة إسلاميّة إذا قامت! فتكيّفت- على رأي نتنياهو- أنظمة عربيّة مع هذه الطّروحات وقام بعضها بالتّطبيع العلنيّ المجّانيّ مع اسرائيل، وبعض آخر ارتضى التّطبيع السّرّيّ بالتّدريج، ومهّدت لذلك بحروبها بالوكالة بإثارة حروب أهليّة في الجزائر- لا تنسوا العشريّة السّوداء بين 1992-2002، وتقسيم السّودان، والحرب على العراق، سوريا، ليبيا، اليمن وغيرها.
سنّة وشيعة: بعد أن لم تؤدّ الفتنة الطّائفيّة -مسلم ومسيحي- والحرب الأهليّة في لبنان بين 1974-1989 أهدافها، وما رافقها من استهداف الأقباط وكنائسهم في مصر. عمدت “الصّديقة” أمريكا وأتباعها في أوروبا واسرائيل إلى إثارة الفتنة الطّائفيّة بين أهل السّنة وأتباع المذهب الشّيعيّ، لتطبيق المشروع الأمريكيّ” الشّرق الأوسط الجديد” الذي يرمي إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى دويلات طائفيّة متناحرة، وتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ. وتطوّعت أنظمة عربيّة تساندها قوى وأحزاب تتستّر بالدّين بتنفيذ ذلك، فكانت “حروب الجهاد” التّدميريّة الهائلة على الجزائر، العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، لبنان، وغيرها! وكان القاتل والقتيل والمشرّد فيها عربا مسلمين في غالبيّتهم، وآلاف المسيحيّين العرب!
تدمير الحضارة والتّاريخ: لن يخجل التّاريخ من تسجيل أن قادة عربا قد أخرجوا شعوبهم وأمّتهم من التّاريخ، ليكونوا فيه مفعولا بهم لا فاعلين، وكي لا يبقوا أيّ أثر لحضارة العرب والمسلمين، فقد عمد “مجاهدو آخر الزّمان” إلى تدمير الآثار التّاريخيّة والأضرحة الإسلاميّة والكنائس والأديرة.
الإرهاب: وإمعانا في الهزائم المتلاحقة فإنّ أنظمة عربيّة تتقدّم أمريكا وأتباعها بتصنيف كل من يرفض ويقاوم المخطّطات الإمبرياليّة والصّهيونيّة كإرهابيّين! بينما لا يجرؤ أحد منهم بتصنيف أحزاب صهيونيّة فاشيّة مثل الصّهيونيّة الدينيّة والصّهيونيّة القوميّة والتي ستشارك في حكومة نتنياهو بوزارات أمنيّة بأنّها أحزاب إرهابيّة، مع أنّها تدعو لقتل الفلسطينيّين واستباحة وطنهم ومقدّساتهم، وتدعو إلى التّطهير العرقيّ، وكأن الإرهاب ماركة عربيّة إسلاميّة مسجّلة!
17-12-2022