يدرس آلاف الطلّاب العرب في الجامعات الأمريكيّة، جزء منهم مبتعثون من حكوماتهم، خصوصا دول الخليج العربيّ، والطلّاب العرب يجدون أنفسهم في بيئة مختلفة، مجتمع مفتوح…الحرّيّات الشخصيّة لا حدود لها….ثقافات مختلفة وقيم تختلف عمّا تربّوا عليه، يتفاجأون بأشياء كثيرة ومنها العلاقة بين الرّجل والمرأة، فهم جاؤوا من مجتمعات تعاني الكبت والحرمان، ومنه الكبت الجنسي. الجامعات الأمريكيّة ترحّب بالطلّاب العرب وغير العرب، ويبقى على الطلاب اختيار الجامعة التي سيلتحقون بها، وفي أمريكا جامعات غير معترف بشهاداتها حتى في أمريكا نفسها.
في بداية العام الدّراسيّ الجامعيّ عام 2001 كنت وشقيقي داود والمهندس حسين شاكر سرور برفقة ابني قيس عند تسجيله في جامعة دومينكان في شيكاغو، وهي جامعة عريقة تأسّست عام 1899 تحت اسم جامعة Rosa وعام 1998 غيّرت اسمها إلى جامعة دومينكان، قالت لنا مديرة شؤون الطّلبة الأجانب أنّ جامعتها ترحّب بالطّلاب العرب لأنّهم يرفعون اسم الجامعة باجتهادهم، وأضافت بأنّ 92% من الطّلاب العرب ينهون الشّهادة الجامعيّة الأولى دون أن يقصّروا بمادّة واحدة، يأتون إلينا وسريعا ما يتعلّمون الّلغة ويتفوّقون على الطلبة الأمريكان، فهم لا يتعاطون المخدّرات والكحول، ومن يساكن منهم فتاة فانه يتعامل معها كزوجة! ولا يعاشر فتاة أخرى.وواصلت حديثها متعجّبة من التّربية العربيّة الصارمة وردّت ذلك إلى أخلاقيّات الدّين الاسلامي.
وفي الواقع فإنّ الطّلبة العرب في أمريكا ينقسمون إلى ثلاثة أقسام هي:
ـ قسم جاء للدّراسة وحصر نفسه في المهمّة التي جاء من أجلها، فهو يدرس ويجتهد، والفقراء منهم يعملون لتغطية نفقات دراستهم، فهم يعملون في محطّات الوقود والمطاعم وغيرها. ينهون دراستهم ويعودون إلى بلدانهم بشهادات عالية.
ـ قسم يدرس ويجتهد ويتخرّج مبهورا بنمط الحياة الأمريكيّة، والفرص المتاحة له في أمريكا والمعدومة في بلاده…فيعمل ويحصل على الاقامة وربّما الجنسيّة إذا كانت شهادته وتخصّصه مطلوبة في أمريكا، وهؤلاء في غالبيّتهم خريجو كلّيّات علميّة، ويبدعون في أمريكا ويعرفون كيف يبنون أنفسهم، وقلّة من هؤلاء من يعود إلى بلاده.
ـ قسم ينجرف وراء الملذّات من مخدّرات وكحول ونساء، فيضيعون في أمريكا…لا يتعلمون ولا يعملون.
ومن الأحاديث التي سمعتها أنّ بعض الطلاب العرب الأثرياء والمبعوثين بمنح دراسيّة، يستأجرون من يعمل لهم أبحاثهم الجامعيّة، ومعروف أن التّعليم في أمريكا يعتمد على البحث في غالبيّته، وهؤلاء يتخرّجون ويعودون إلى بلدانهم، ويستلمون مناصب رفيعة بناء على الشّهادات التي يحملونها، لكنّهم في الواقع غير مؤهلين.