رحل ابن جبل المكبر القريب والصّديق ابراهيم حمدان صبيح صباح الأربعاء 5 ديسمبر 2018 دون استئذان، ودون انذار مسبق، والموت حقّ وهو النّهاية الحتميّة للأحياء كافّة، وكل منّا نهايته الموت، ومن البشر من يرحلون وتبقى ذكراهم خالدة في ذاكرة من عرفوهم، وابراهيم صبيح “أبو عادل” واحد من الذين تركوا ما سيجعلهم خالدين عند كلّ من عرفوهم، فالرّجل الذي كان يتحلّى بذكاء ملحوظ، وذاكرة لا تخيب، كان يتحلّى بصفات حميدة منها: الصّدق، الوفاء، التّسامح، طيبة القلب، عزّة النّفس وكبرياؤها. ومن صدقه أنّه كان يقول الحقّ ولو على نفسه، ومن وفائه أنّه كان لا يذكر من أصدقائه إلا محاسنهم، وينسى هفواتهم في لحظتها، ولا ينسى أن يزورهم ويتفقّد أحوالهم خصوصا عند الملمّات كأن يموت عزيز من أقربائهم، أو أن يصاب أحدهم بمرض ما، أو أن تقعده الشّيخوخة، حتّى أنّه كان يتابع أخبار وأحوال تلاميذه الذين علّمهم في قرية كفر مالك قضاء رام الله أواخر خمسينات ومننتصف ستينات القرن العشرين، والذين لا زالوا يذكرونه بالخير حتّى يومنا هذا. ومن باب الوفاء أنّه كان لا يشتري حاجة بيته من زيت الزّيتون ومن العسل إلا من صديقه عبدالله البيّاع ابن كفر مالك.
ومن تسامحه أنّه كان يتنازل عن حقّه أو حقّ أبناء عائلته في الخصومات العشائريّة بسهولة تامّة، كما يتسامح مع من يسيئون إليه سهوا أو عمدا، ويتغاضى عن هفواتهم دون أن يمنّ عليهم بذلك، وكان يلتمس للآخرين العذر دائما.
ومن طيبة قلبه فإنّه أحبّ النّاس وأحب الخير لهم كما يحبّه لنفسه، لذا فقد بادلوه حبّا بحبّ. وقد كان واصلا للرّحم، وله فضل على العديدين من أبناء عائلته.
لم يعرف الحقد مكانا في قلبه على كائن من كان، وكان يبدّل مساوئ الآخرين بحسنات. وجاء موته المفاجئ دون انذار وكأنّه استجابة لأمنية كان يكرّرها دائما وهي: ” أسأل الله أن يميتني وأنا بكامل قواي، كي لا أحتاج مساعدة أحد، وكي لا أثقل على أحد.” ولهذا فرحيله المفاجي ترك غصّة وحزنا في قلوب كلّ من عرفوه. فله الرّحمة ولذويه ومحبّيه العزاء.
7-12-2018